لو قال:(أنت طا) بس، تطلق أو لا؟ ما تطلق، وإنما مثلت بهذا لأن بعض الذين ابتلوا بالوسواس -نسأل الله لنا ولهم السلامة- يسأل يقول: أردت أن أطلق زوجتي فقلت: (أنت طا) هل يقع الطلاق؟ ماذا تقولون؟
طلبة: لا يقع.
الشيخ: لا يقع الطلاق، على أنه سبق أن الموسوس لا يقع طلاقه أبدًا، حتى لو قال: أنت طالق.
إذن (لم يُقبل حُكمًا) كلما رأيتم في كلام الفقهاء: لم يُقبل حكمًا؛ أي: أما باطنًا فيُدَيَّن ويوكل إلى دينه.
ثم قال:(ولو سُئل: أطلقتَ امرأتَك؟ قال: نعم، وَقَع) لأن معنى (نعم): طلقتها، (نعم) هي عبارة عن إعادة الجملة التي وقع بها السؤال.
(أطلقتَ امرأتَك؟ قال: نعم) تطلق، كما سُئل أنس -مرَّ علينا أمس- أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنعليه؟ قال: نعم (٧)؛ يعني: يصلي بنعليه. فإذا قيل: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، وقع الطلاق.
ولو سُئِل: ألك امرأة؟ قال: لا، ما لي امرأة، فهذا فيه تفصيل؛ إن أراد الطلاق وقع، وإن أراد أن يكذب على الرجل فإنه لا يقع؛ لأنه إذا قال: لك امرأة؟ قال: لا، يكذب عليه. هذا خبر كاذب ما يقع به طلاق.
وينبغي أن تُخَرَّج المسألة التي قبلها على هذه؛ بمعنى أنه إذا سئل: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، أراد الكذب، ينبغي أن تخرج المسألة الأولى على هذه، فيقال: إذا أراد الكذب حتى في قوله: نعم، جوابًا لمن قال: أطلقت امرأتك؛ فإنه لا يقع.
***
ثم قال:(فصل: وكناياتُه الظاهرةُ).
(كناياته) الضمير يعود على الطلاق، وهذا هو القسم الثاني من الألفاظ التي يقع بها الطلاق، والقسم الأول ما هو؟ الصريح.
وقلنا فيما سبق: الصريح ما لا يحتمل إلا معنى الطلاق، والكناية هو الذي يحتمل معنى الطلاق وغيره، فهو ليس صريحًا في الطلاق.
والكنايات ذكروا أنها قسمان: ظاهرة وخفية، ولا دليل على هذا التقسيم، كما سنبينه إن شاء الله.