للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإن قال: أردتُ الشرطَ)، يعني أردت بقولي: (أنتِ طالق لرضا زيد): أنت طالق إن رضي زيد، يقول: فإنه يُقْبَل حكمًا، أو يُدَيَّن؟

يقول المؤلف: يُقْبَل حكمًا، يعني حتى لو رُفِعَ الأمر للقاضي وقال الزوج: إني أردت بذلك الشرط، وجب على القاضي أن يقبل قوله؛ لأن قوله محتمِل غاية الاحتمال، الكلام يحتمله بلا شك، (أنتِ طالق لرضا زيد) يعني: إن رضي زيد، (أنت طالق لمشيئته) يعني: إن شاء.

فلذلك نقول: إذا قال: أنتِ طالق لرضا زيد، إن أراد الشرط لم تطلق حتى يرضى زيد، وإن لم يُرِد الشرط طلقت في الحال، ووجه ذلك أن العلَّة تسبق المعلول، فكان رضا زيد سابقًا على طلاقه.

(وإن قال: أردتُ الشرطَ قُبِلَ حُكمًا)، (حُكْمًا) معناه؟ عند الحاكم إذا ترافعَا، أما إذا لم يترافعَا وصَدَّقَتْه فلا حاجة للترافع.

(وأنتِ طالقٌ إن رأيتِ الهلالَ، فإن نَوى رؤيتَها لم تطلُقْ حتى تراه، وإلا طلُقَتْ بعدَ الغروبِ برؤيةِ غيرِها).

(أنتِ طالق إن رأيتِ الهلال)، ما ظاهر اللفظ؟ أنه إن رأته هي بنفسها، فلا تطلق حتى أيش؟ حتى تراه، فإن رآه غيرها لم تطلق. وعلى هذا فإذا كان نظرها قاصرًا لا ترى الهلال إلا في الليلة الرابعة، متى تطلق؟ في الليلة الرابعة.

أما إذا أراد بقوله: (إن رأيتِ الهلال)، يعني: إن ثبت دخولُ الشهر، فإنها تطلق برؤية غيرها.

ويُذْكَر أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه جعل الناس يتراءون الهلال، ولكنه لم يَرَه، هو ما رآه، فجعلوا يقولون: هو هذا يا أمير المؤمنين، هذا هذا، قال: إني سأراه وأنا على فراشي (٩)، متى يراه وهو على فراشه؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: لا إله إلا الله، متى يا ناس؟

طلبة: ( ... ).

الشيخ: إذا ارتفع الهلال، يراه وهو على فراشه، ما يحتاج أنه يتراآه مع الناس، وهذا دليل على حلمه رحمه الله، وأن الإنسان لا ينبغي أن يستعجل الشيء، إن لم يأتِ إلى الشيء فالشيءُ يأتي إليه.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>