(فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا) فما هو الدليل على أن هذه هي الكفارة؟ الدليل قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣]، ثم قال:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}[المجادلة: ٤]، ثم قال:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}[المجادلة: ٤]، إذن النص على هذه الخصال في القرآن الكريم، وترتيبها أيضًا في القرآن الكريم، ولا نزاع في ذلك.
بقي أن يقال:(إن لم يجد صام شهرين متتابعين) لو كان الإنسان مريضًا مرضًا يرجى برؤه، فهل يُؤجِّل الصيام أو يطعم؟
فالجواب: يؤجل ما دام يرجى زوال عجزه فإنه يؤجل كرمضان تمامًا، أما إذا كان لا يُرجى كشيخ كبير ومريض بمرض لا يرجى زواله، فهنا نقول: أطعِم ستين مسكينًا، إطعام ستين مسكينًا، هل هو تمليك أو إطعام؟ نقول: القرآن الكريم يقول: إنه إطعام، ولم يقل: أعطوا، قال: أطعموا، وحينئذٍ نعلم أنه ليس أيش؟
طلبة: تمليكًا.
الشيخ: ليس بتمليك، وبناءً على ذلك نقول: إطعام ستين مسكينًا له صورتان: الصورة الأولى: أن يصنع طعامًا -غداء أو عشاء- ويدعو المساكين إليه، ويأكلون وينصرفون.
الصورة الثانية: أن يعطي كل واحد طعامًا ويصلحه بنفسه، ولكن مما يؤكل عادة، إما مُدّ بُر أو نصف صاع من غيره، في عهدنا ليس يُكال الطعام، ولكنه يُوزن، فنقول: تقدير ذلك كيلو من الرز لكل واحد، وينبغي أن يجعل معه ما يُؤدمه من لحم ونحوه ليتم الإطعام، أفهمتم؟ وهل هذا العدد مقصود أو المقصود طعام هذا العدد؟
المقصود إطعام هذا العدد، لا طعامهم؛ بمعنى لو أن إنسانًا تصدق بما يكفي ستين مسكينًا على مسكين واحد؟ يجزئ أو لا يجزئ؟ لا يجزئ ( ... ) مسكينًا.