للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الفصل بيَّن المؤلف رحمه الله، وكذلك في الذي بعده كفارة الظهار وهي: عِتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.

بيَّن شروط وجوب العتق فقال: (ولا تلزم الرقبة إلا لمن ملكها)؛ يعني لمن كانت عنده بشرط ألا يحتاجها لخدمة، فإن احتاجها لخدمة فإنه لا يجب عليه عتقها (أو أمكنه ذلك) أي أمكنه ملكها (بثمن مثلها)؛ يعني لا يُرفع ثمنها عليه، فإذا كان ثمن مثلها عشرة، وقيل له: لا نبيعها إلا باثني عشر فإنه لا يلزمه، وسبق لنا أن القول الراجح هو أنها تلزمه إلا إذا أجحفت بماله؛ يعني ضرته، فهنا لا تلزمه، أما إذا كان قادرًا، ولا تجحف بماله، فلو زادت قيمتها عن ثمن مثلها أضعافًا مضاعفة؛ لأنه قادر (بثمن مثلها فاضلًا عن كفايته دائمًا وكفاية من يمونه).

قوله: (عن كفايته دائمًا) من يستطيع أن يُقدِّر هذا؟ من يستطيع أن يقول: إن هذا يكفيني دائمًا؟ الإنسان لو كان عنده مال قارون، لا يستطيع أن يحكم بأن هذا المال يكفيه دائمًا؛ لأنه قد يأتيه مثلًا آفات تتلف هذا المال، أو أحوال لمالكه تقتضي إتلافه كمرض ونحو ذلك، لكن العلماء يقولون: إن معنى هذه العبارة أن يكون لديه عمل تجارة أو نحو ذلك تكفيه، فإن الأصل بقاء القدرة على هذه التجارة التي بها يحتفظ بكفايته دائمًا.

(وكفاية من يمونه) أي: من عليه مؤنته كالزوجة والأولاد والآباء والأمهات وما أشبه ذلك.

(وعما يحتاجه) أيضًا (عما يحتاجه من مسكن وخادم ومركوب) (عما يحتاجه من مسكن) كلمة (يحتاجه) مهمة جدًّا؛ يعني إذا كان لديه مسكن يكفيه نصفه، وجب عليه أن يبيع النصف الآخر ليعتق الرقبة، ولا نقول: هذا المسكن يبقى وأنت لا تحتاج إلا جزءًا منه، فإذا قال: إذا بعتُ نصفه صار مشقصًا عليَّ، وربما يؤذيني الذي يشتريه؟

قلنا: هناك طريقة أخرى، وهي: أن يبيعه كله، ويشتري مسكنًا يناسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>