للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وفي الخامسة) يعني في الشهادة الخامسة، يقول: (وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) الضمير هنا في (عليه) يُجعل عند اللعان بضمير النفس؛ يعني يقول الزوج: عليَّ، لكن كُنِّي عن ضمير النفس بضمير الغيبة كراهة أن ينسب الإنسان الحكم إلى نفسه.

(إن كان من الكاذبين، ثم تقول هي أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا، ثم تقول في الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) هو يدعو باللعنة إن كان من الكاذبين، وهي بالغضب إن كان من الصادقين.

وإنما كان الغضب في جانبها دون الزوج؛ لأن الزوج أقرب منها إلى الصدق، وجه ذلك أنه لا يمكن لأحد أن يرمي زوجته بالزنا إلا عن صدق، لماذا؟ لأن رميها بالزنا تدنيس لفراشه، والناس سيقولون: إنه ديوث، لن يقولوا: إنها زنت مرة واحدة وبأول مرة لاعن، لا، يتحدثون ملء أفواههم؛ فهو إلى الصدق أقرب من المرأة، ولذلك كانت عقوبة المرأة التي تدعو بها على نفسها أعظم.

في هذه الصيغة -كما ترون- دعاء مُعلَّق بشرط، أين الشرط في دعاء الرجل؟

إن كان من الكاذبين، والشرط في دعاء المرأة: إن كان من الصادقين، فهل يجوز أن يدعو الإنسان دعاء معلقًا؟ الجواب: نعم، يجوز عند الاشتباه علق؛ لأن الله أعلم، ومن ذلك دعاء الاستخارة؛ لأن المستخير ماذا يقول؟ اللهم إن كنت تعلم أن هذا خير لي، وهذا تعليق دعاء واضح؟ أجيبوا.

طلبة: نعم.

الشيخ: إذن الدعاء المعلق بشرط جائز في الأمور التي تخفى على الإنسان، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- عن شيخه -شيخ الإسلام- أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسأله عن ذلك قال: يا رسول الله، إن قومًا يُقدَّمون إلينا، لا ندري أمسلمون هم أم غير مسلمين؛ لأنهم رؤساء البدعة، فلا ندري أمسلمون أم لا، فهل نصلي عليهم أو ندع الصلاة عليهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «عَلَيْكَ بِالشَّرْطِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>