وأضرب لهذا مثلًا، رجل طلق امرأته ولها خمس عشرة سنة، كانت تحيض، ثم مرضت فارتفع الحيض، فطلقها، هذه المرأة ارتفع حيضها لسبب معلوم، وهو المرض، نقول: انتظري، حتى يأتيها الحيض، انتظرت شهرًا، شهرين، سنة، سنتين، لم يأتها الحيض، تبقى في العدة إلى أن يتم لها خمسون سنة، فإذا تم لها خمسون سنة اعتدت بثلاثة أشهر، فتكون عدتها على هذا التقدير خمسًا وثلاثين سنة، تبقى خمسًا وثلاثين سنة لا تتزوج، وزوجها ينفق عليها إن كانت رجعية، ومحبوسة، هذا هو المذهب، وهو الذي ذكره المؤلف رحمه الله، لكن -كما رأيتم- هذا القول فيه من المشقة والحرج ما لا تأتي به الشريعة قطعًا، الضرر الآن على مَن؟ على الزوجة ولّا على الزوج؟ على الزوج والزوجة، الزوج سينفق خمسًا وثلاثين سنة، ينفق على امرأة لا يستمتع بها كما ينبغي، الزوجة كذلك ستبقى معطلة، إذا قدرنا أن الزوج له ثلاث زوجات وهذه الرابعة التي طلقها يبقى لا يتزوج الرابعة إلا بعد خمس وثلاثين سنة وثلاثة أشهر، وهذا فيه من الصعوبة ما هو ظاهر، فما القول الراجح؟
القول الراجح في هذه المسألة: إذا علمت سبب الرفع وغلب على ظنها أنه لن يعود الحيض فهنا نقول: تعتد عدة آيسة؛ أي: ثلاثة أشهر، وتنتهي، إذا علمت ما رفعه وغلب على ظنها أنه لن يعود فعدتها ثلاثة أشهر، وتنتهي العدة، والحمد لله إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن.
وعلى هذا القول الراجح لا يحصل عليها مشقة ولا على زوجها، ويكون هذا القول موافقًا لروح الشريعة الإسلامية المبنية على التسهيل والتيسير، قال الله عز وجل:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥].
مثال آخر: امرأة طلقها زوجها بعد الولادة، وجعلت ترضع طفلها، من المعتاد غالبًا أن المرضع لا تحيض، المرأة هذه لم تحض، تبقى في العدة حتى تفطم الولد ويأتيها الحيض، واضح؟ أجيبوا يا جماعة؟