للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: هذا القول هو الصواب المتعين الذي تطمئن إليه النفس، وهذا يختلف باختلاف الرجال، يختلف باختلاف البلدان، يختلف باختلاف الدول، يختلف، فإذا فُقِد رجل عامل لا يؤبه له حضر أم لم يحضر، فهذا يجب أن ننتظر أطول لنبحث عنه.

إذا فُقِد رجل مشهور بماله أو علمه أو جاهه فهنا ننتظر أقل ولا أكثر؟

طلبة: أقل.

الشيخ: أقل؛ لأنه لو كان موجودًا لعلم أنه موجود، فيرجع في ذلك إلى اجتهاد الحاكم، وعلى هذا إذا فُقِد ابن تسع وثمانين سنة هل ننتظر سنة واحدة ولّا أربع سنين ولّا خمس ولّا أكثر؟

على حسب حال الشخص؛ إذا كان ممن إذا فُقِد عُلِم وإذا وُجِد عُلِم ننتظر به الأقل، سنتين، ثلاثة، أو سنة واحدة أيضًا، وإذا كان رجل –بالعكس- انتظرنا به أكثر حتى يغلب على الظن أنه هلك.

قلت: إنه يختلف باختلاف الأشخاص، يختلف أيضًا باختلاف البلدان، بعض البلدان حريصة على ضبط من يدخل البلد ومن يخرج، فهذه يكون الانتظار فيها أقل أو أكثر؟

طلبة: أقل.

الشيخ: أقل؛ لأنها تضبط الداخل والخارج.

بلاد مفتوحة كلٌّ يدخل ويخرج، هذه ننتظر أقل ولّا أكثر؟ ننتظر أكثر؛ لأنها مفتوحة، نحتاج إلى التحري أكثر.

باختلاف الأحوال، إذا كان الزمن زمن خوف وقُطَّاع طريق وما أشبه ذلك ننتظر أقل، وإذا كان آمنًا ننتظر أكثر، هذا هو الصواب الذي تطمئن إليه النفس والموافق للشريعة الإسلامية؛ أي لروح الشريعة الإسلامية، وهو التيسير والتسهيل، أمعلوم ما قلت أم لا؟

طلبة: معلوم.

الشيخ: معلوم، إذا قال قائل: كيف ترجحون هذا وقد ورد عن السلف ما سبق ذكره؟

فالجواب: أن ما ورد عن السلف قضايا أعيان اجتهد الحاكم فيها، فرأى أن يؤجل أربع سنين أو تسعين سنة، وقضايا الأعيان ليست كدلالة الألفاظ، دلالة الألفاظ عامة يؤخذ بالعموم، وأما قضايا الأعيان فقد يكون في القضية ما أوجب الحكم ونحن لا نعلم به؟

<<  <  ج: ص:  >  >>