قال بعض العلماء: المحرِّم ثلاث رضعات، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ، وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ»(١٤)، قالوا: فمنطوق الحديث أن الثنتين لا تؤثر، مفهومه: أن ما زاد مؤثر.
ولكن الجواب عن هذا أن يقال: دلالة تأثير الثلاث بالمفهوم، ودلالة أنه لا يؤثر إلا الخمس بالمنطوق، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
ويتبين بشرح المثال، إذا قلنا: لا تحرِّم المصة ولا المصتان، صحيح ولَّا غير صحيح؟ صحيح، حتى إذا قلنا بخمس رضعات فالثنتان لا تؤثر. إذا قلنا: الثلاث تؤثر، بقي عندنا معارضة بحديث الخمس؛ أنه لا يحرِّم إلا خمس رضعات، وحينئذٍ لا يمكن العمل إلا بحديث عائشة أنه لا بد من خمس رضعات (١٣). وهذا هو الصواب.
قال المؤلف:(في الحولين) هذا شرط آخر؛ يعني: أن تكون الرضعات الخمس كلها في الحولين من ولادة الطفل، فإذا ولد في واحد محرم عام عشرين، متى ينتهي وقت الرضاع؟ واحد محرم عام اثنين وعشرين، فما دام في الحولين فالرضاع مؤثر، وإذا انته الحولان فالرضاع غير مؤثر.
الدليل قول الله تبارك وتعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: ٢٣٣]، فقالوا: تمام الرضاعة في حولين، وما زاد فهو خارج.
وظاهر كلام المؤلف: أن الرضاع في الحولين مؤثر، سواء فُطِمَ الصبي أم لم يفطم، حتى لو فُرِضَ أنه فُطِم في سنة، وفي السنة الثانية كان يأكل الخبز والجبن وكل شيء ورضع، فالرضاع مؤثر ولَّا غير مؤثر؟
طلبة: مؤثر.
الشيخ: مؤثر، ولو كان لا يتغذى باللبن، لو كان يتغذى بالخبز والتمر والرز فإنه ما دام في الحولين فرضاعه مؤثر.