إذن تسقط النفقة بكل ما يفوِّت الاستمتاع من قِبل مَن؟ من قبل الزوجة، لكن إن كان لعذر فهي غير آثمة، وإن كان لغير عذر فهي آثمة، فالضابط إذن لما يسقط النفقة. ما هو الضابط؟ الضابط لما يسقط النفقة كل ما يمنع الاستمتاع من قبل الزوجة، وأما إذا كان من قبل الزوج؛ مثل افرض إن الزوج مُرِض مرضًا لا يستطيع معه أن يستمتع بزوجته، تسقط النفقة ولَّا لا؟
طلبة: لا تسقط.
الشيخ: لماذا؟ لأن التعذر هنا من جهة الزوج، أو مثلًا زوج يحب الصيام؛ يصوم دائمًا ويقوم الليل، فهل تسقط النفقة؟ ما تسقط، بل في هذه الحال للزوجة أن تطالبه، ولهذا منع النبي عليه الصلاة والسلام عبد الله بن عمرو بن العاص أن يصوم النهار ويقوم الليل، وقال:«إِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»(٥).
كيف تقدر النفقة؟
نقول: رسَم الله تبارك وتعالى لنا كيف نقدرها؛ فقال:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}[الطلاق: ٧] فذو السعة وهو الغني ينفق بحسب غناه، والإنسان الذي قُدِّر عليه رزقه -يعني: ضُيِّق- ينفق مما آتاه الله، وإلى أي شيء نرجع؟ إلى المعروف؛ لقوله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٣٣]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»(٦).
إذن الآن المرجع العُرف، وكيف تُقدَّر؟ نقول: على الموسع قَدَره وعلى المقتر قدره، {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}.
هنا اختلف العلماء بعد اتفاقهم أن النفقة حقٌّ للزوجة وعلى الزوج، اختلفوا هل المعتبَر حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما جميعًا؟ انتبهوا يا جماعة؛ هل المعتبر في السعة والضيق حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما جميعًا؟