وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى جمعٍ آخر؛ وقال: إن الزوج الجديد إذا رضي بالمحضون، وعُلم أن المحضون لن يضيع حقه بالتزوج فإن حقها لا يسقط، إذا رضي الزوج الجديد ببقاء المحضون عند حاضنته، وعُلم أنه لا تفوت مصلحة المحضون بذلك فإن الحق لا يسقط، وإلا سقط الحق، فهذا القول ينظر فيه قائله إلى مصلحة الطفل، ويقول: متى ضاعت مصلحة الطفل بتزوجها بالزوج الجديد سقط حقها، ومتى بقي فحقها باقٍ، وهذا هو الأقرب، الأقرب -والله أعلم- إن وجه الجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا أن يقال: إنه إذا لم تفت مصلحة المحضون بالزواج فإن حقها باقٍ، لا سيما أنه إذا كان أبوه إذا أخذه من أمه أضاعه؛ لأن بعض الناس إذا طلق الزوجة ومعها أولادٌ منه صغار ثم تزوجت أراد الإضرار بها، فقال: أبغي آخذ أولادي، طبعًا تعرفون الأولاد شفقة الأم عليهم شيء لا يدرك، فيأخذهم ثم يجعلهم عند ضرة أمهم؛ عند زوجته تضيعهم وتهملهم وربما يكون فيها حقد عليهم، فهذا لا يمكن أن يمكَّن من عمله؛ ولذلك يغلط بعض القضاة الذين يأخذون بالمذهب حرفيًّا، ويقولون: متى تزوجت بأجنبي من محضون سقطت حضانتها، ثم يأخذون من هذه المرأة ثمرة فؤادها وفلذة كبدها ثم يعطونه إلى مَنْ؟ إلى ضرة لها لا ترحمهم ولا تخاف من خالقها، هذا لا يمكن أن يقال به في الحقيقة، وهو خطر من تصرف بعض القضاة، والواجب أن يُنظر إذا علمنا أن الزوج يريد الإضرار، ولا يهمه أن يضيع الولد أو لا يضيع، فهذا يُمنع منه، يمنع منه بلا شك، ويقال: درءا لهذه المفسدة يُشترط على الزوج الجديد أن أولادها معها، ويَصبر على حضانتها إياهم ما داموا عنده، وبهذا تزول المفسدة ويزول المحذور الذي يمكن أن يحصل بردهم إلى أبيهم.