كذلك أيضًا تزول بتزوج الأم بغير قريبٍ من المحضون، تزول الحضانة بتزوج الأم من غير قريبٍ من المحضون؛ إذا تزوجت الأم وقد عرفنا فيما سبق أن الأم أولى من الأب؛ لأنه إذا اجتمع امرأة وذكرٌ في درجة واحدة فالأنثى مقدمة على الذكر، فالأم أحق، لكن إذا تزوجت فإن العلماء اختلفوا في هذه المسألة؛ منهم من يرى أن الزواج لا تسقط به الحضانة، واستدل بما أشرنا إليه من قبل في قصة ابنة حمزة، حيث قضى بها النبي عليه الصلاة والسلام لخالتها مع أنها متزوجة، فقالوا: هذا دليل على أن الزواج؛ زواج من لها الحضانة لا يسقط حضانتها، ويرى بعض العلماء أن الزواج يُسقط الحضانة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المرأة التي جاءت تشتكي إليه زوجها حين أراد أن يأخذ منها طفلها، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام:«أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»(٧)، فقوله:«مَا لَمْ تَنْكِحِي» هذه غاية ولا علة؟
طلبة: غاية.
الشيخ: بينهما فرق؛ إن قلنا: غاية؛ فمعناه بمجرد النكاح يسقط حقها فلا يعود حقها لو طُلِّقت، وإذا قلنا: علة. فإنها ما دامت في الزواج تسقط حضانتها، فإن طلقت أو غاب عنها زوجها عادت حضانتها، والراجح أنه علة؛ لأنها إذا تزوجت انشغلت بالزوج الجديد عن مصالح المحضون، وربما يأتيها أولاد منه أيضًا، فيكون شأنها وأمرها موجَّهًا إلى هؤلاء الأولاد الجدد الذين يرعاهم أبوهم.
يقول العلماء الآخرون: إن أمه أحق ما لم تتزوج، وأن الزواج يقطع الحضانة مطلقًا.
ولكن توسط آخرون في هذه المسألة وجمعوا بين الحديثين، وقالوا: إن تزوجت برجلٍ قريبٍ من المحضون كأن من أقاربه عصباته أو ذوي رحمه فإنها لا تسقط؛ لأن الشفقة من زوجها الجديد موجودة لكون المحضون قريبًا له، وإن تزوجت من أجنبي فإنها تسقط؛ لأن الزوج الجديد لن ينظر إلى هذا المحضون نظر شفقةٍ ورحمة، وجمع آخرون بينهما بجمعٍ آخر ..