وقد كثر في الوقت الأخير إطلاق الإمام عند الناس؛ إمام، إمام، إمام، حتى إنه يمكن من أدنى أهل العلم يسمونه إمامًا، وهذا أمر لو كان لا يتعدى اللفظ لكان هينًا، لكنه يتعدى إلى المعنى؛ إذ إنني إذا رأيت هذا يوصف بالإمام تكون أقواله عندي قدوة مع أنه لا يستحق.
وهذا كقولهم الآن في كل من قتل ظلمًا: إنه شهيد، وهذا حرام، لا يجوز أن يشهد لكل شخص بعينه؛ ولهذا بوب البخاري رحمه الله على هذه المسألة بقوله:(باب لا يقول: فلان شهيد)، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن ذلك (٦).
قد يكون الشهيد ربما أنه مُوقِر بعيره من الغلول وأنت تقول: شهيد، والشهادة محلها القلب، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ»(٧)، أو «بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ»(٨).
ولو أننا سوغنا لأنفسنا هذا لسوغنا لهذا الرجل الذي مات على الإيمان أن نقول: نشهد أنه في الجنة؛ لأنه مؤمن، وكل مؤمن فهو في الجنة، وهذا ما يجوز.
فالمهم أن بعض الناس الآن ما يحسبون مثل هذه الأمور، لا يحسبون لها حسابها، ولا يعلمون أو يغفلون عن أنه {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨]، وأنه سيحاسب على كل لفظة، نعم تقول: من قتل مظلومًا فهو شهيد، صح، من قتل بهدم أو غرق فهو شهيد، من قتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد، أما أن تشهد على شخص بعينه فكلَّا.
(الإمام الموفق)(الموفق) هذه اسم مفعول، يراد به اتصافه بهذه الصفة ولَّا هو اسم أو لقب؟ نقول: نعم، هو لقب لهذا الرجل العالم رحمه الله.
(والمقنع) كتاب متوسط يذكر فيه القولين، والروايتين، والوجهين في مذهب الإمام أحمد، ولكن بدون ذكر الأدلة أو التعليل، اللهم إلا نادرًا.