وقال بعض العلماء -وهو المذهب-: إن الجاني لا يقتل إلا بالسيف، وإن قتل بغيره، لماذا؟ استدلوا بحديث رواه ابن ماجه (٣)، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ»، واستدلوا أيضًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ»(٤). ولا شك أن طلب ما يريح المقتول من إحسان القتلة، وأن قتله بالسيف أريح له من قتله بالخشبة، واضح يا جماعة؟
جوابنا على هذا أن نقول: أما الحديث فضعيف، وهو من أفراد ابن ماجه، والغالب -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- أن ما انفرد به ابن ماجه فإنه ضعيف، وهذا من أفراده الضعيف.
ثانيًا: أن نقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ»، فبماذا يكون إحسان القتلة؟ إحسان القتلة في الحقيقة بموافقة الشرع؛ لقوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: ٩] فليس إحسان القتلة أن تطلب ما هو أريح «وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ»(٤).
الآن لو قال قائل مثلًا: قد يُوجد أشياء أريح للحيوان من الذبح بالسكين، هل نتبع ذلك؟
لا، فعليه نقول: إحسان القِتلة معناه موافقته للشرع، ولا ريب أن ما وافق الشرع فهو حسن. إذا ما القول الراجح في القصاص؟ أن يفعل بالجاني كما فعل. لو سقى المقتول سُمًّا؟
طالب:( ... ).
الشيخ: يُسقى سُمًّا حتى يموت، لو أسقاه خمرًا حتى مات؟ ما يُسقى خمرًا؛ لأن الخمر محرم لذاته، لكن القتل بالخشبة وما أشبه ذلك مُحرِّم للعدوان؛ فلهذا استثنى أهل العلم من قولهم: إنه يُفعل به كما فعل، ما إذا كان الفعل محرمًا لذاته، لا لأنه عدوان فإنه يكون محرمًا؛ لأنه ليس لنا أن نسقيه الخمر، الخمر حرام، إحنا نمنع من شرب الخمر، لكن السم نفعل به؛ لأنه يَقتل؛ فهو محرم للعدوان فيه.