الشيخ: أبدًا، ليس من الأفضل أن نعفو عنه؛ لأننا إذا عفونا عنه ما يهمه بعد ذلك، ثم في الوقت الحاضر أيضًا قد نقول: إنه مطلقًا ليس العفو أفضل؛ لأننا إذا عفونا تجرأ الناس وصاروا دائمًا في استهتار ولا يهمهم، لكن إذا عُوقِبوا بأخذ ما يجب عليهم من الدية، فهذا لا شك أنه خير.
على كل حال الآن نقول: العفو مجانًا أفضل إلا أن تكون المصلحة في القصاص، فيكون القصاص أفضل، ويكون الاقتصاص على كيفية الجناية على القول الراجح، الاقتصاص من الجاني يكون على كيفية الجناية على القول الراجح، ويرجِّحه دليل من القرآن والسنة والنظر الصحيح، مثلًا إذا قتل الجاني بخشبة فإننا نقتله بخشبة، ما نقتله بالسيف؛ لأن الله تعالى يقول:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦]، ثم إن قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨] لا شك أن تمام المقاصة أن يفعل به كما فعل. هذه من القرآن، ثلاثة أدلة، وربما تكون أكثر.
من السنة: ثبت في الصحيحين: أن رجلًا يهوديًّا رضَّ رأس جارية من الأنصار بين حجرين حتى ماتت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرضَّ رأسه بين حجرين (٢)، كما فعل، وهذا تطبيق للقرآن، وهو دليل من السنة واضح.
أما النظر الصحيح فلأن تمام العدل أن يُفعل بالجاني كما فعل، فإذا قَتل قِتلة شنيعة قُتل قِتلة شنيعة، وإذا قتل قتلة غير شنيعة قتل قَتلة أو قِتلة غير شنيعة، فهذا ما يقتضيه الكتاب والسنة والنظر الصحيح.