للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في مال الجاني؛ لأنها عوض نفسه، فلا تجب على العاقلة، وحالَّة؛ لأن جنايته لا تحتمل الرأفة؛ حيث إنه كان متعديًا، فلا تحتمل الرأفة أن تُؤجل عليه، فتجب في مال الجاني حالة، وقد سبق لكم أيضًا أنها تكون مُغلَّظة ولَّا مخففة؟ مغلظة.

أما إذا كانت في شِبه العمد وفي الخطأ فإنها تجب على عاقلته مؤجلة بثلاث سنين، أما وجوبها على العاقلة فهي في قصة المرأتين اللتين اقتتلتا من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالدية على عاقلتها، وورَّثها ولد المقتولة ومن معه قضى بالدية على عاقلتها (٩). وهذا نص صريح في أن شبه العمد يجب على العاقلة.

الخطأ من باب أولى؛ لأن الخطأ لم يقصد الفاعل فيه الجناية، وشبه العمد قصد فيه الجناية ولَّا لا؟ قصد، لكن بغير ما يقتل، فإذا كان شبه العمد تجب على العاقلة بنص الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالخطأ من باب أولى، وأما تأجيله بثلاث سنوات، فهذا مروي عن عمر رضي الله عنه؛ أنه أجله على العاقلة ثلاث سنوات (١٠)، لكن هل هذا التأجيل قضية عين أو هو رأي؟

يعني فرق بين الرأي الذي يعتبر قولًا، أو بين الحكم في قضية معينة قد يكون لها أسباب وموجبات لا توجد في كل قضية، الفقهاء رحمهم الله يرون أنها رأي وليس حكمًا في قضية، وشيخ الإسلام يرى أنه حكم في قضية له أسبابه وموجباته، وأن القاضي إذا رأى ألَّا تؤجل فله ذلك، والحديث الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام -كما سمعتم- ليس فيه تأجيل، بل هو مطلق، وليس فيه تأجيل، والوارد عن عمر ما دام محتملًا لأن يكون حكمًا في قضية أو رأيًا رآه فإننا لسنا مُلزَمين بالأخذ به، لا نُلزم بالأخذ به نظرًا إلى الاحتمال، وأيضًا معنا، ويش معنا ظاهر؟ ظاهر الحديث حيث لم يُؤجِّله الرسول عليه الصلاة والسلام على العاقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>