كذلك أيضًا لو أن شخصًا كان يهدد آخر بالقتل، يهدده بالقتل، ثم قُتِل، وكان يترجح عندنا أنه يُنفذ ما هدده به، فهذا أيضًا على القول الثاني لوْث تُجرى به القسامة، أما المذهب فلا يرون اللوث إلا العداوة الظاهرة فقط، والأخير أصح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأننا نعلم أن العداوة الظاهرة إنما كانت لوثًا تُجرى به القسامة، لماذا؟ لأنه يغلب على الظن صِدْق وقوع الأمر وصِدْق الدعوى، فإذا كانت هذه هي العلة، فمتى وُجِدت هذه العلة في أي صورة من الصور فإنه يجب أن يثبت الحكم؛ لأن القاعدة العامة أن الحكم يدور مع علته، وهذا القول هو الصحيح؛ أن اللَّوْث كل قرينة يغلب على الظن وقوع القتل بها سواء كانت عداوة ظاهرة أم غيرها، وهو اختيار شيخ الإسلام.
أما كيفية الإقسام بها؛ فالإقسام بها -كما سمعتم في أول الدرس- أولًا: تُعرض الأيمان على من؟ على المدعين فيحلفونها، ولكن هل الواجب أن يحلف خمسون رجلًا، أو الواجب أن تكون الأيمان خمسين يمينًا؟
اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يرى أن الواجب أن يحلف خمسون رجلًا، ومن العلماء من يرى أن الواجب أن يُقسَم خمسون يمينًا، وبينهما فرق، ومن الذي يقسم خمسين اليمين على هذا الرأي الأخير؟ الذي يقسمها هم الورثة، كل بحسب ميراثه، فمن يرث النصف مثلًا عليه خمس وعشرون يمينًا، ومن يرث العُشْر مثلًا عليه خمسة أيْمان، ومن كان في أيمانه كسر فإنه يُجبر الكسر، واضح؟ فإذا قُدِّر أن الرجل قُتل عن خمسة أولاد؟ كم يحلف كل واحد؟ عشرة أيمان، وإذا كان عن خمسة أولاد وخمس بنات؟ البنات ما يقسمن؛ لأن القسم يكون بالذكور فقط، أما النساء ما يحلفن.