على القول الأول الذين يقولون بوجوب خمسين رجلًا، يحلف خمسون رجلًا تُوزَّع الأيمان على الأقرب فالأقرب، يُبدأ بالورثة فإن استكملوا الأيمان فذاك، وإن لم يستكملوها أخذ بالأقرب فالأقرب، فإذا كان له عشرة أولاد على هذا الرأي كم يحلفون؟ عشرة أيمان، ثم يُنظر مثلًا إلى إخوته، له عشرة إخوة، نقول: أقسموا عشرة أيمان، له عشرون بني أخ يقسمون عشرين يمينًا، له عشرة أعمام يقسمون عشرة أيمان، فعلى هذا تُوزَّع الأيمان على حسب الأقرب فالأقرب. وهذا هو ظاهر حديث عبد الرحمن بن سهل، فإن عبد الله بن سهل -كما سبق لنا أمس- قُتل في خيبر، وأخوه عبد الرحمن وابني عمه قال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام:«يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا»(١٠). فظاهره أنه لا بد من خمسين رجلًا، وهذا أيضًا أحوط؛ لأننا إذا أخذنا بخمسين رجلًا، أتينا بخمسين يمينًا ولَّا لا؟ وإذا أخذنا بالورثة، واعتبرنا الأيمان دون الرجال فإننا لن نأخذ بالرجال، وما كان يمكن أن يُؤخذ به في الحالين فهو أوْلى لا سيما وأن ظاهر الحديث يؤيده.
بدأنا بأيْمان المدعين، المدَّعون أبوا أن يحلفوا، إذن تتوجه الأيْمان إلى المدَّعَى عليهم، إذا حلف بعضٌ ونكل بعض، بعض حلف وبعضٌ نكل، قال: ما أحلف، فهل تثبُت القسامة في حق الباقين، أو لا تثبت؟ يرى بعض العلماء أنها تثبت، ولكن القصاص ما يمكن يثبت؛ السبب: لأن هؤلاء الذين امتنعوا سوف يسقط نصيبهم، والذين حلفوا سوف لا يكون لهم إلا نصيبهم من الإرث، فإذا قدرنا أن أولاده خمسة، وامتنع اثنان وحلف ثلاثة، هل نقول: إنه يُقتص منه ثلاثة أخماس؟ يقتل ثلاثة أخماس ويبقى خمساه؟