الدليل على وجوبها أمر الله تبارك وتعالى ورسوله؛ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]، {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] وهكذا، أوامر صريحة واضحة، بل قال الله تعالى في الزاني والزانية:{وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}[النور: ٢]، ما يجوز للإنسان هنا أن يحكِّم العاطفة، بل يُحَكِّم العقل، لا هنا ولا في غير هذا المحل، يجب علينا أن نُحَكِّم العقل دون العاطفة في هذه الأمور، فالإقامة -إقامة الحدود- واجبة على القريب وعلى البعيد، وعلى الشريف والوضيع، والذكر والأنثى، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:«وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»(٢)، أقسم عليه الصلاة والسلام -وهو الصادق البار بدون قسم- أن فاطمة بنته سيدة نساء العالمين في الجنة لو أنها سرقت لقطع يدها عليه الصلاة والسلام، فهو واجب.
ولا يجوز لولاة الأمور التهاون به ولا تمويعه -أيضًا- بالتحقيقات الباردة التي تفتح باب الأعذار وباب الرجوع، وما أشبه ذلك، كما هو متبع في بعض الدول الآن.
ولا يجوز -أيضًا- أن تستبدل حدود الله بأي شيء من العقوبات لا بأغلظ؛ لأنه ظلم، ولا بأنقص؛ لأنه إبطال لحكم الشرع، فنقول: أما إقامة الحد فيشترط فيها شروط عامة وخاصة، الشروط العامة في كل حد وهي: