ولنا أن نستدل لذلك أيضًا بالقرآن؛ فإنه ثبت في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس وبَيَّن أن الرجم ثابت في كتاب الله قال: إنه قرأناها ووعيناها، ورجم النبي صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، وإني أخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا: إنا لا نجد الرجم في كتاب الله، وإن الرجم فريضة في كتاب الله على من زنى إذا أحصن أو قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف (١٢)، فهنا صرح رضي الله عنه بأن الرجم كان موجودًا في كتاب الله.
حينئذٍ يكون دليله من القرآن المنسوخ لفظه، ومن السنة قولًا وفعلًا، ومن عمل الخلفاء الراشدين، ومن إجماع الأمة؛ ولهذا ما يمكن إنكار هذا الحد أبدًا.
فإذا قال قائل ما هي الآية التي نُسخت؟
نقول: الآية التي نُسخت ما نعرف لفظها الآن؛ لأنه ليس بموجود في القرآن؛ في المصحف.
فإذا قال: أليس يُرْوَى أن لفظها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله، والله عزيز حكيم)(١٣)؟
قلنا: هذا لا يصح أن يكون هذا المنسوخ، لماذا؟ لأن عمر رضي الله عنه ذكر أن الرجم يكون على من؟ على مَن زنى إذا أحصن، ما قال: إذا كان شيخًا، والآية هنا تعلق الرجم بالشيخوخة، وعلى هذا فمن زنى وهو محصن شاب بمقتضى هذه الآية؟
الطلبة: لا يرجم.
الشيخ: لا يرجم، وإذا زنى وهو شيخ غير محصن فإنه يُرْجَم وليس هذا هو الحكم، فدلَّ ذلك على أن اللفظ هذا غير محفوظ، وأن الصواب أن اللفظ الذي نُسِخَ ليس بمعروف لدينا، فتعليق الحكم بالشيخوخة هذا أمر لا يصح؛ لأن الشيخوخة تختص بمن كان شيخًا ولو كان بكرًا، ويخرج بها من كان شابًّا وهو ثيب، وهذا خلاف الحكم الذي ذكره عمر رضي الله عنه.
إذا قيل ما الحكمة في أنه يُرْجَم بالحجارة ولا يُقْتَل بالسيف والقتل بالسيف أهون؟
قلنا: لأنه لما كان بدنه أصيب باللذة المحرمة -جميع البدن- فإنه ينبغي لهذا البدن الذي تلذذ بهذه اللذة المحرمة أن يناله من العقوبة بقدره، وهذا من محاسن الشرع.