فالفرق إذن بين اللغة وبين الاصطلاح أن اللغة أعم، فمَن سَرَقَ شيئًا ولو من غير مالك أو نائب مالك فهو سارق في اللغة، أما في الاصطلاح فليس بسارق، فلو علمت مثلًا أن هذا الذي بيد هذا الشخص ليس ملكًا له، وليس له عليه ولاية، فسَرَقْتَه، فذلك ليس بسرقة في الاصطلاح، وهو في اللغة سرقة.
ولهذا يقول العوام: السارق مِن السارق كالوارث من أبيه؛ لأنه سَرَقَ من غير مالك ولا نائبه، ولكن كلامهم هذا ليس بصحيح، إنما هو حقيقةً ما يجب عليه القطع؛ لأنه لا ينطبق عليه أنه سرقة في الاصطلاح.
إذن السرقة في الاصطلاح أَخْذ المال على وجه الاختفاء من مالكه أو نائبه.
فقولنا:(أَخْذ المال) خرج به ما ليس بمال، فليس بسرقة، مثل ما لو سَرَقَ كلبًا، الكلب ليس بمال، أو سرق خمرًا، فالخمر ليس بمال، فلا يُعْتَبَر ذلك سرقة وإن كان له قيمة، لو فرضنا أنه سرق خمرًا وهو في بلاد غير المسلمين، يُعْتَبَر عندهم له قيمة، ولكنه شرعًا ليس بمال فلا يسمى ذلك سرقة، لو سرق حُرًّا صبيًّا من أهله يُعْتَبَر سرقة؟ لا؛ لأنه ليس بمال.
قولنا:(أَخْذ المال) يخرج به أيضًا ما لو أكله، إنسان دخل على بيت مُحْرَز، وفيه مثلًا تمر، وأكله حتى شبع، وخرج مالئًا بطنه، يعتبر سارقًا؟ ما يعتبر سارقًا، ولهذا بس ما وُدُّنَا نفتح يدًا للسُّرَّاق، ولَّا ( ... ) مثلًا إذا صار المسروق إن خرج به جاء نصابًا، وإن أكل بعضه خرج بالبعض نقص عن النصاب، يأكل البعض ويخرج بالباقي.
طالب:( ... ).
الشيخ: إي نعم، ( ... ) دينارًا، لو أكل دينارًا وخرج به الظاهر أنه يجب عليه القطع؛ لأن حقيقة الأمر هذا ما ينتفع به الجسم بخلاف الأول، وأيضًا هذا لا يسمى إتلافًا، الأول إذا أكله تلف، وهذا لا يتلف.
طالب:( ... ).
الشيخ: قولنا: (على وجه الاختفاء)، لو أخذه لا على وجه الاختفاء بأن أخذه عَنْوَةً جهرًا فهذا ليس بسرقة، ويسمى غصبًا.