ولا شك أن هذا احتراز بالغ في عدم إقامة الحدود، أو في الحقيقة دَرْء الحدود بالشبهات، وإلا فكيف يتصور إنسان ماهر في السرقة يقول: أخشى أن أخرج به وهو يبلغ النصاب، أنا أريد الآن أن أشق الثوب حتى لا يبلغ النصاب وأخرج به، لا شك أن هذا حيلة، إلا أن الفقهاء يقولون رحمهم الله: لأنه وقت إتلافه الذي حصل به النقص كان في حِرْز المالك، فكما أنه لو أتلف المال في نفس الْحِرْز لم يُعَدّ سارقًا ولم يجب عليه، فهذا مثله.
ما هو النصاب؟
النصاب في كل موضع بحسبه، هنا ثلاثة دراهم.
طالب: هو أتلف ( ... ) مرتين، كل مرة يأخذ جزءًا؟
الشيخ: ما أدري، إذا قسم ما أدري، تحتاج إلى تأمل في الموضوع أو مراجعة؛ لأنه في الحقيقة كل سرقة مستقلة عن الأخرى هذه، لكن المسروق شيء واحد، فهل نعتبر الفصل هنا مُمَيِّزًا لكل سرقة عن الأخرى، أو نقول: إن هذا المسروق واحد والسارق واحد فتُضَمّ كل واحدة للأخرى، ظاهر كلامهم أن كل سرقة معتَبَرَة بنفسها.
وهذا إذا لم يكن حيلة لا شك فيه، يعني لو أن أحدًا جاء وأخذ من هذا المال قليلًا وليس من نيته أن يأخذ باقيه، فهذا لا شك أنه ما نضم هذه إلى هذه، أما إذا كان حيلة فهذه محل النظر، إذا كان حيلة؛ لأنه أخذ بعض المال ومِن نِيَّتِه أن يأخذ باقيه.
قد يكون أيضًا عجزًا ليس حيلة، قد يكون عجزًا عن حمله مثلًا، فحمل بعضه الآن وهو في نيته أن يرجع ويسرق باقيه، وهي تحتاج إلى نظر، لكن الأقرب عندي الآن أنه إذا كان من عزيمته ونيته أن يرجع ليسرق باقيه فهو كما لو سرقه مرة واحدة، أما إذا كان ليس من نيته ذلك، ولكنه بعد أن أخذ رجع وسرق ثانية بقية المال فإنه ليس عليه قطع.
طالب: إذا بلغ النصاب ( ... )؟
الشيخ: إي، لا ما يُضَمّ كل واحدة للأخرى، لو سرق من هذا نصف نصاب، ومن الآخر نصف نصاب ما يعتبر شيئًا.