للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: إي نعم، أما حديث: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ»، فقد استدل به مَن لا يرى اشتراط النصاب للسرقة، وهم الظاهرية، قالوا: مجرد السرقة يُقْطَع به الإنسان، ولكنه ما دام عندنا حديث صحيح صريح في الموضوع: «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (٣)، فإنه لا يمكن أن نقول بالإطلاق؛ لأن السُّنَّة تُقَيِّد القرآن.

وأما قوله: «لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ»، فبعض العلماء يحمل الحديث على أن المراد بالبيضة بيضة السلاح التي يضعها الإنسان على رأسه، قالوا: وهذه تساوي رُبُع دينار، أو ثلاثة دراهم، وقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم في مِجَنٍّ قيمته ثلاثة دراهم (٤).

والمراد بالحبل الحبل ذو القيمة الذي يبلغ رُبُع دينار، أو ثلاثة دراهم إذا قلنا بأنها أصل، قالوا: مثل حبال السفن التي تُرْبَط بها، فإنها حبال غليظة طويلة وغالية، هذا وجه.

أو أن المراد يسرق البيضة فيتذرَّع بها إلى سرقة ما تُقْطَع به يده، وكذلك يسرق الحبل فيتذرَّع به إلى سرقة ما تُقْطَع به اليد، بمعنى أنه يتدرج من سرقة الأقل إلى سرقة الأكثر، ويتعين أن يُحْمَل الحديث على أحد هذين الوجهين، أو على وجه ثالث إن عُلِمَ التاريخ بأن يكون هذا الحديث المطلَق قبل تقييد المسألة بالنصاب، لا بد أن يُحْمَل الحديث على هذا؛ لأننا لو لم نحمله على ذلك لزم التعارض، والشرع ليس فيه تعارض.

قوله: (أو ما يساوي أحدهما) على الرأي الذي رَجَّحنا بأن المعتَبَر الدنانير، (أو ما يساوي أحدهما) إذا اعتبرنا أن كليهما نصاب، أما إذا اعتبرنا بأن النصاب رُبُع الدينار فنقول: أو ما يساوي ربع دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>