الرابع: أن تنتفي الشبهة بألَّا يكون للسارق شبهة في سرقته، فإن كان له شبهة في السرقة فإنه لا قَطْعَ عليه؛ لأنه يسرق متأوِّلًا، كيف متأوِّل؟ بأن له الحق في أن يأخذ من هذا المال، وحينئذ يُعْطَى حكم المتأوِّل، والمتأوِّل ليس عليه ضمان وليس عليه قطع، يعني ليس عليه إقامة حد، وقد قَتَلَ أسامة رضي الله عنه رجلًا شهد أن لا إله إلا الله، لكنه قتله متأوِّلًا، حيث قال للرسول صلى الله عليه وسلم: إنما قالها تعوُّذًا (٥).
فانتفاء الشبهة لا بد منه خوفًا من أن يكون السارق متأوِّلًا جواز السَّرَق، وله صور، يعني الذي فيه شبهة له صور، منها إذا سرق الأب من مال ولده، أو لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: ويش الشبهة؟ أن له أن يتملك من مال ولده، بالعكس إذا سرق الولد من مال أبيه؟
طالب: شبهة.
الشيخ: ويش الشبهة؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: إي، له حق النفقة، إذا كانت تجب نفقته على أبيه فهي شبهة بلا شك؛ لأنه يحتمل أن أباه مُقَصِّر فسرق، مع أن الصحيح أنه إذا كان ذلك بسبب تقصير مَن يلزمه النفقة فإنه ليس فيه تحريم أصلًا، وليست بسرقة، قال النبي عليه الصلاة والسلام لهند بنت عتبة:«خُذِي مِنْ مَالِهِ -يعني مال زوجها- مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي وَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»(٦).
سرق من مال أمه، ما تقولون؛ يُقْطَع ولَّا لا؟
طالب:( ... ).
الشيخ: لا، المذهب ما يُقْطَع، المذهب لا يُقْطَع أصلٌ بفرع، ولا فرع بأصل، والغريب أنهم بنوا هذا الأمر، قالوا: لأن شهادة أحدهما للآخر لا تُقْبَل، وهذا لا شك أنه بناء ضعيف على ضعيف، فهو بناء ضعيف؛ لأنه لا مقارنة، أو لا صلة بين السرقة وبين الشهادة، وهو أيضًا مبني على ضعيف؛ فإن الصحيح في الشهادة أنه لا يمتنع قبول شهادة الرجل لابنه أو بالعكس إذا كانت العدالة قوية؛ لأن العلة ما هو الأصل والفرع، العلة التهمة.