الرابع: أن يكون هذا التأويل سائغًا، ومعنى (سائغًا)؛ أي جائزًا، أي له وجهة شرعية، مثل لو خرجوا على الإمام لماذا؟ قالوا: لأنك تظلم الناس في كذا، وفي كذا، وفي كذا، وعددوا أشياء الإمام واقع فيها وهي ظلم، فهذا تأويل سائغ، لكن ليس لهم الحق في أن يخرجوا ليس معنى قولنا: سائغ أنه جائز؛ بمعنى يجوز لهم شرعًا الخروج؛ لأن الخروج على الإمام ما يجوز إلا إذا رأى الإنسان كفرًا بواحًا عنده فيه من الله برهان، وأما مجرد الظلم والفسوق والمعاصي فهذه لا تجيز الخروج عليه، ولهذا لو كان هذا الخروج جائزًا ما سموا بغاة، إذن لا بد أن يكون تأويلًا سائغًا، أما لو خرجوا بتأويل، لكن ليس بسائغ مثل أن يقولوا: نحن خرجنا على الإمام؛ لأنه بنى مدارس للعلم نحن ما نريد أن يبني مدارس للعلم ليش؟
قال: نبغي أن تكون المدارس في المساجد مثل عهد الصحابة هذا التأويل سائغ ولَّا لا؟
هذا غير سائغ، رجل يبني مدارس للعلم، تقولون: هذا يجب أن يحارَب، هذا يجب أن يناصر، ويؤيد، ولكل عصر ومكان أسلوبه الذي يحصل به الإنسان على الغاية المحمودة، ولهذا نحن مر علينا ما أدري ذكرت لكم أن الوسائل غير المقاصد، وأن ما كان وسيلة لمقصود شرعي فإنه يستعمل إذا كانت هذه الوسيلة مباحة، وتكون هذه الوسيلة حكمها حكم ما كانت وسيلة له، فالآن بناء المدارس لا شك أنه أفضل، تنظيم الآن الدروس، فيه ناس الآن ينتقدون تنظيم الدروس ليش ( ... )؟ أين في كتاب الله وسنة رسوله ( ... )؟
فيه ناس يقولون هكذا، وربما ينتقدون من يدرس في هذه المدارس؛ لأنه مشى على نظام ( ... )، كل نظامكم محارب من قبل الإسلام؟ لا.
فالمهم إذا كان التأويل غير سائغ فإنهم ليسوا بغاة؛ لأن ما ليس بسائغ، أي ما ليس له وجه، وجوده كعدمه، فكأنهم خرجوا بغير تأويل.