للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء يقولون: إذا اختل شرط من هذه الشروط فهم قطاع طريق، ومعنى قولهم قُطَّاع طريق أنهم يعاملون معاملة قُطَّاع الطريق، وإن كان تعريف قطاع الطريق لا ينطبق عليهم، لكنهم يُعاملون معاملة قطاع الطريق.

إذن عرفنا من هم أهل البغي؟ هم قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الإمام بتأويل سائغ.

والسؤال الآن: هل يجوز الخروج على الإمام بهذا التأويل أو لا يجوز؟

الجواب: لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصبر على أئمة الجور، وعلى الأئمة الذين نرى منهم ما نكره فقال: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ مَا يَكْرَهُ فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّ مَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» (١).

فيجب علينا أن نصبر حتى ولو رأينا الظلم، ورأينا الجور، ورأينا المحاباة، ورأينا الفسوق والمعاصي، فيجب علينا أن نصبر، ولا نخرج، لكن النصيحة واجبة ومراسلتهم واجبة، وكذلك أيضًا يحب علينا أن نُبيِّن لهم ما وقعوا فيه من الخطأ بيانًا صريحًا، وألا نحابيهم في هذه الأمور، ونقول: والله أنتم على كل حال، كل شيء زين، وكل شيء ماشي؛ لأن هذا هو اللي يضر بعض الولاة أن يجي لهم واحد يقول: أبدًا، كل شيء ما أحسن من بلادنا، ولا أحسن من معاملتنا، فهم قد يكونون لا يعرفون الأمر كما هو عليه، فينخدعون بأقوال هؤلاء، وقد يعرفون الأمر على ما هو عليه، ولكنهم يتخذون من أقوال هؤلاء وسيلة تبرر ما هم عليه، وعلى كل حال فالواجب على المسلمين النصح لأئمة المسلمين، أما الخروج فلا.

ولهذا سئل الإمام أبو حنيفة رحمه الله عن هذه المسألة، وقيل له: إنهم يخرجون ليأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر، فقال: نعم، هم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، لكن ما يفسدون أكثر مما يصلحون، صحيح من سفك الدماء واستحلال الحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>