فعلى كل حال نقول: هذا الذي يغش الناس للإمام أن يعاقبه، بل قد يجب عليه على حسب التفصيل الذي ذكرنا من قبل، أما نوع التعزير فإنه يكون بكل وسيلة، هذا ضابطه، كل وسيلة يكون بها تقويم الناس وإصلاح أمورهم، وردعهم عن المعاصي فإنها تتبع كل وسيلة بدون قيد، قد يكون ذلك بالضرب، وقد يكون ذلك بالحبس، وقد يكون ذلك بالتغريم المالي، وقد يكون ذلك بعزله عن وظيفته، وقد يكون بالتشهير به.
فالمهم أنه لا يتقيد بنوع من العقوبة، يتبع في العقوبات ما هو أردع للناس عن المعاصي إلا أن أهل العلم يقولون: لا يجوز أن يكون بقطع طرف، ولا بفعل محرم لذاته، ففعل المحرم لذاته لا يجوز مثل حلق اللحية لا يجوز أن يعزر بحلق اللحية، وهذا يقال حين كان حلق اللحية عيبًا وعارًا، وهو عيب وعار، لكن عند كثير من ناس اليوم ليس بعيب ولا عار فهو إذا حُلقت لحيتهم ( ... ).
فالواقع أنه ما يجوز أن يعزر بحلق لحيته، ولا بقطع عضو من أعضائه؛ لأن هذا يبقى مصيبة عليه، وخزيًا عليه، وليس حدًّا شرعيًّا كقطع السرقة؛ لأن هذا تعزير، ولكن هل يصل إلى حد القتل أو لا يصل؟ يرى شيخ الإسلام رحمه الله أنه قد يصل إلى حد القتل، ويحمل حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في قصة شارب الخمر إذا جلد أربع مرات (٨) أنه في الرابعة يقتل يحمله على ذلك، ويقول: إنه إذا لم ينتهِ الناس بدون القتل فإنه يقتل؛ لأن حقيقة الأمر اللي يجلد ثلاث مرات، يجلد في الخمر ثلاث مرات، ويعود معناه أنه ما هو منتهٍ، فإذن لا يصلحه ولا يصلح غيره إلا القتل.