واصطلاحًا هو الذي يكفر بعد إسلامه، والردة -والعياذ بالله- أعظم من الكفر الأصلي؛ لأن من ارتد بعد أن علم ودخل دين الإسلام فإنه لا يقبل منه صرف ولا عدل، ولا بد أن يقتل بكل حال إلا أن يعود إلى ما خرج منه بخلاف الكافر الأصلي فإنه قد يُقر على دينه، ولا يقاتل إلا إذا قاتل، وقام أمام الدعوة الإسلامية، فأما إذا بذل الجزية والتزم أحكام الإسلام فإنه لا يقاتل سواء كان يهوديًّا أم نصرانيًّا أم مجوسيًّا أم وثنيًّا، كما مر عليكم في الجهاد، لكن هذا لا يقبل منه إلا الإسلام وإلا قتل على كل حال.
أما حكم المرتد؛ فله حكم دنيوي، وحكم أُخروي؛ حكمه الدنيوي أن يعرض عليه الرجوع للإسلام رأفة به، فإن رجع إلى الإسلام قبل منه، وانتفى عنه القتل والحكم بالكفر، وإن لم يرجع قتل كافرًا، هذا حكمه في الدنيا، وقولنا: إنه يعرض عليه الرجوع إلى الإسلام رأفة به ورحمة، اختلف العلماء هل يستثنى من ذلك شيء؟ يعني أحد من المرتدين يستثنى من هذا الحكم، أو أنه عام في جميع المرتدين؟ وهل انتظاره على سبيل الوجوب، أو على سبيل مراعاة المصلحة؟ هذان أمران:
الأمر الأول: انتظار هل هو واجب، أو على سبيل المصلحة؟
الأمر الثاني: هل كل مرتد ينتظر أو لا؟ فأما الأمر الأول؛ فقيل: إنه ينظر ثلاثًا ثلاثة أيام إذا ارتد عن الإسلام، أنظر ثلاثة أيام فإن تاب ورجع إلى الإسلام فإنه يُقبل منه ولا يُعزَّر على كفره، ولا يوبخ؛ لأنه رجع إلى الإسلام، وتأليفًا له وتحبيبًا للإسلام إليه؛ فإنه لا يُعزَّر ولا يُعاقب.
والقول الثاني في المسألة أنه لا ينظر؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب قتله، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»(١٤).