للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما وردت به الآثار من إنظاره، فإنما ذلك مراعاة للمصلحة إذا رأى الإمام أن من المصلحة تأخيره وتأجيله، فإنه يؤجله، وإذا رأى من المصلحة قتله، فإنه يقتله، لكن لو بادر بالتوبة، وتاب إما قبل مضي الأيام الثلاثة أو مطلقًا على القول الثاني؛ بمعنى أنه يبادر بالتوبة مما ينسب، فهل تقبل توبته بدون تفصيل أو من الناس من تقبل، ومن الناس من لا يقبل؟

فيه خلاف بين أهل العلم؛ فبعض العلماء يرى أن مِن المرتدين مَن لا يُقبل رجوعه، ويقتل بكل حال، وبدون إنظار، وحتى لو تاب فإنها لا تُقبل توبته، ومثَّلوا لذلك بما يأتي:

أولًا: من سب الله، أو سب رسوله، أو سب الإسلام فإنه لا يُقبل منه حتى لو تاب، وصار يثني على الله، وعلى رسوله، وعلى دين الإسلام؛ فإنه يقتل.

ويقتل كافرًا ولَّا مسلما؟ يقتل كافرًا ولو تاب، لماذا؟ قالوا: لأن هذا ردته عظيمة لا تحتمل التوبة، فلا يُقبل منه.

ثانيًا: من تكررت ردته؛ فإنه لا يقبل؛ لأنه إذا ارتد، ثم تاب، ثم ارتد، ثم تاب، ثم ارتد، ما ندري لعله إذا تاب في المرة الثالثة يكون مستهزئًا بنا فيرتد مرة أخرى.

ولقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} [النساء: ١٣٧].

فهذا لا تُقبل توبته؛ لأنه يخشى أن تكون توبته الثالثة كتوبته الأولى والثانية.

والقول الثاني في هذه المسألة أن كل كافر مهما كان كفره، ومهما عظم فإن توبته مقبولة إذا تبين أمره، وأنه صادق في توبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>