للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن جميع حيوانات البحر حلال ولَّا يستثنى منها شيء لا حيها ولا ميتها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سُئل عن البحر قال: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» (٧).

أما البر فإنه أضيق من البحر، المحرم من حيوان البر؛ أولًا: الحمر الأهلية، الأهلية احترازًا من الوحشية؛ فإنها حلال؛ بدليل أن الصعب بن جثامة رضي الله عنه اصطاد حمارًا وحشيًّا فأهداه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فرده عليه وقال: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» (٨).

فالحمار الأهلي احترازًا من الوحشي. الدليل: ما ثبت في الصحيح من حديث أبي طلحة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمره أن ينادي، حديث أنس، أن الرسول أمر أبا طلحة أن ينادي يوم خيبر إن الله ورسوله ينهيانيكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس (٩)، فالحمر الأهلية إذن حرام بدليل هذا الحديث.

ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنها حلال -الحمر الأهلية- ويستدل بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، {لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ}.

ولو قلنا: إن الحمر الأهلية حرام لوجد ما ليس من هذه الدلائل، ولكن الصواب بلا شك مع الجمهور، وأنها حرام، والآية لا تدل على ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن الآية مكية في سورة الأنعام متقدمة ولفظها: {لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} ولم يقل: لم يكون فيما أوحي إلي، ولم تكن أيضًا قل لا أجد في ما يوحى إلي بل قال: {فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} ووقت نزول الآية لم تكن الحمر الأهلية مُحرَّمة؛ لأنها إنما حرمت متى؟

طلبة: في خيبر.

الشيخ: عام خيبر، فتبين أن الآية ليس فيها دليل؛ وأن الصحيح ما دل عليه الحديث الصحيح أنها محرمة وأنها رجس.

<<  <  ج: ص:  >  >>