للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإحنا لولا أننا منذ عشنا ونحن نرى أن الصراصير حرام، وإنه ما تؤكل لكنا لا نستخبثها، أليس كذلك؟ فيه ناس أيضًا يستخبثون بعض الأمور الطيبة اللي ما فيها شك في طيبها، لكنهم عارفينها ويستخبثونها، ومع ذلك فهي حلال، هذا قول.

القول الثاني: أن الاستخباث يرجع إلى الشرع، وأن ما حرمه الشرع فهو الخبيث، وبناءً على هذا يجب أن تنزع هذه الفقرة، لأن الذي ما يستخبث -أي ما استخبثه الشرع ورآه خبيثًا حرامًا- معناه أنها لا فائدة منها الآن؛ إذ المرجع إلى ما قرره الشرع، وإلا فالأصل الحل، وهذا القول هو الصحيح؛ أن المرجع في الاستخباث إلى الشرع لا إلى العرف.

ما حجة هذا القول؟ حجتهم قول الله تعالى في وصف الرسول عليه الصلاة والسلام: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] قالوا: {يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}.

ولكن اختلف في معنى قوله: يحرم الخبائث، هل المراد ما استخثبه الناس عرفًا، أو المراد إنه ما حرم شيئًا إلا وهو خبيث؟ يصير معنى {يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} يعني أن جميع ما حرم فهو خبيث، خلافًا لشريعة التوراة التي تحرم بعض الطيبات على اليهود، وخلافًا لشريعة الإنجيل التي تحلل كثيرًا من الأشياء التي لا تحل في الشريعة الإسلامية. يصير على هذا القول وهو عندي أرجح، أن المراد بالخبائث: المحرمات؛ يعني يحرم عليهم كل خبيث، فكل ما حرمه فهو خبيث.

قد يقول قائل: إذا قلت بهذا القول بطلت دلالة الآية؛ لأنه يصير معنى الآية يحرم عليهم المحرمات، وهذا تحصيل حاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>