فيُقال: لا، وصف هذه بالخبائث تدل على العلية، وهو أنه حرمها؛ لأنها خبيثة، لكن خبث الشيء وعدم خبثه مرجعه إلى من؟ إلى الشرع، لا إلى الأعراف.
والدليل على هذا -أن مرجعه إلى الشرع- ما ذكرناه قبل قليل في مسألة الحمر الأهلية؛ فالحمر الأهلية كانت قبل فتح خيبر خبيثة ولَّا طيبة؟
طلبة: طيبة.
الشيخ: طيبة، ثم صارت خبيثة بعد فتح خيبر مع أن نظرة الناس إليها قبل وبعد على حد سواء، فتبين بهذا أن المرجع في الخبث إلى ما قرره الشرع. وبناءً على هذا نشوف الدخان، هل الدخان من الخبائث ولَّا لا؟
طالب: من الخبائث.
الشيخ: نقول: الآن تبين أنه من الخبائث؛ لأنه محرم شرعًا بدليل: ما ذكرنا قبل قليل من الأدلة، أما كونه يقول: يستخبث في عرف الناس، فهذا قد يمنعه من يتعاطاه، ويقول: أبدًا، أنا لا أقول: إنه خبيث، بل إنه إذا شربه يكيف ويستأنس؛ ولهذا بعض الناس الغرباء تقول: ليش يا أخي تشرب الدخان؟ يقول: والله هموم عندي، ولضيق صدري والدخان يعطي كيف، هو بيشربه علشان هذا.
إحنا نقول: مسألة الطيب والخبث، انظر إلى الضب، أكل على مائدة الرسول عليه الصلاة والسلام والنبي عليه الصلاة والسلام لم يأكله قال:«إِنَّهُ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ»(١٢). فهو رأى أنه ما يطيق أنه يأكله، ومع ذلك فهو حلال.
كوننا نرجع في الخبث والطيب إلى أذواق الناس، وإلى أعراف الناس يلزم منه تجزئة الشريعة، ثم يلزم منه ألا يستخبث بعض الناس ما حرم الله، ويقول: هذا ليس بخبيث، أليس كذلك؟
طالب: نعم، فالصواب إذن أن معنى قوله:{يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} أنه ما حرم عليهم شيئًا إلا وهو خبيث، أما الطيب فلا يمكن أن يحرمه الله أبدًا.
لكن على المذهب: إذا قلنا بتحريم ما يستخبث: فإلى من نرجع؟ إلى عُرف من؟