للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الرقبة أربعة أشياء: حلقوم ومريء وودجان؛ الحلقوم مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام؛ فالحلقوم هو هذه الغضاريف التي على شكل القصبة، هو معروف، وجعلها الله سبحانه وتعالى بهذه الصفة لسهولة التنفس، لكن المريء عبارة من جنس الأمعاء من فوق الحلقوم ومجرى الطعام والشراب.

هذه الأشياء الأربعة اختلف العلماء هل يشترط قطعها أو قطع اثنين منها، وما الاثنان، أو قطع ثلاثة، وما الثلاثة؟

ولم يرد في السنة شيء يبين ذلك إلا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ». فيرى بعض العلماء أن العِبرة بقطع الحلقوم والمريء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد؛ العبرة بقطع الحلقوم والمريء، ويعللون ذلك بأنه لا يمكن أن تبقى الحياة مع قطع هذين الشيئين، وهما مسار الحياة؛ هذا مسار النفس، وهذا ( ... )، فلهذا وجب قطعهما، وأما الودجان فإن قطعهما سُنَّة، وليس بواجب.

ولا شك أن هذا التعليل منتقض لا يصح طردًا ولا عكسًا؛ لأن ما هو المقصود أن يقطع الإنسان ما لا تبقى معه الحياة لو كان كذلك لقلنا: إذا شق بطنها وقطع أمعاءها.

طالب: لحلت.

الشيخ: حلَّت، ومع ذلك ما تحل، وأيضًا ما يصح عكسًا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ»، وهنا لا يمكن إنهار الدم، والعلة في تحريم الميتة هو احتقان الدماء فيها.

فإذن لو لم يقطع الودجين ما يمكن ينهر الدم كله أبدًا إلا بقطع الودجين، ولهذا الذي نراه في هذه المسألة هو قطع الودجين.

ويرى آخرون -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية- أنه يجب قطع اثنين من ثلاثة؛ وهما الودجان والحلقوم والمريء؛ يعني قطع ثلاثة من الأربعة، إما الودجان والمريء، أو الودجان والحلقوم، أو المريء والحلقوم وأحد الودجين، ولكن قطع الحلقوم والمريء ما وجدت فيه دليلًا من الكتاب والسنة يدل على القطع، وإنما الواجب إنهار الدم، وهذا حاصل بقطع الودجين.

<<  <  ج: ص:  >  >>