للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: الحكم بين الناس واجب، فرضُ عينٍ، حتى لو حكم أحد بغير ما أنزل الله يجب على بقية المسلمين أن يقوموا عليه ببيان الحق ويُغَيِّرُوا هذا؛ لأن الحكم بغير ما أنزل الله خطير جدًّا، إذا كان الإنسان حكم بغير ما أنزل الله معتقدًا أن هذا هو الذي يجب أن يسير الناس عليه ويُرْجِؤُوا حكم الله فهذا كفر.

الأمر الثاني مما يراد به تولي القضاء، نقول: هو فرض كفاية إذا قام به مَن يكفي علمًا وتطبيقًا ومنهجًا سقط عن الباقين، وإلا وجب على أن مَن كان أهلًا إذا لم يقم به غيره.

وهل نقول: ولم يشغله عما هو أهم منه؟

إن قلنا: ولم يشغله عما هو أهم منه، فتحنا لكم بابًا لا يمكن إغلاقه؛ لأنكم ستقولون: التدريس أهم منه، والدعوة إلى الله أهم منه، ولكن في الحقيقة هو من أهم ما يكون؛ لأن عليه مدار إصلاح المجتمع، فإنه إذا ساء الحكم بين الناس فسد المجتمع، وصار الناس لا يُحِلُّون ولا يُحَرِّمُون، يأكل الإنسان مال غيره، ويجحد ما يجب عليه ولا يهتم بشيء، لكن إذا علم أن القاضي يحكم بالحق كل إنسان يقف على حده، ولا يمكن أن يعتدي أحد على أحد.

فلهذا كان القضاء مَنْصِبًا عظيمًا مهمًّا جدًّا في الشريعة الإسلامية، ثم إن مِن نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد أن يكون أهلًا لهذا المقام؛ لأن هذا المقام مقام الأنبياء وخلفائهم، {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: ٢٦].

وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يبعث البعوث ويجعل عليهم أميرًا قاضيًا، كما بعث معاذًا إلى اليمن (١٠)، بعثه مُعَلِّمًا وداعيًا وحاكمًا.

فالقضاء أَمْرُه مهم جدًّا، وإذا رأينا الناس اليوم وجدنا أنه قد يولى القضاء مَن ليس أهلًا له؛ إما لقصور في علمه أو بتقصير في حكمه، والقضاء مهم ويتركز على أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>