كذلك أيضًا من طريق الحكم قد يكون القاضي مع أحد الخصمين إذا أتى بالبينة قَبِلَها، والثاني إذا أتى ببينته حاول أن يجد فيها جارحًا حتى تُرَدّ، هذا أيضًا محرَّم، فلذلك يجب العدل على القاضي في معاملة الخصمين أنفسهما.
قال العلماء: يعدل بينهما في لفظه، وفي لَحْظِه، وفي المجلس، وفي الدخول؛ الدخول عليه يخليهم يدخلوا الاثنان، هذا إذا صار هو اللي يرتِّب الدخول، هو أو البواب اللي عند الباب، ما يقول: يا فلان ادخل قبل الثاني، إما أن يقول: ادخلوا وخَلَّى مسألة التقديم والتأخير عائدًا إلى؟
طلبة: إليه.
الشيخ: إليه يعني: أن يقول البواب: ادخلوا، وخَلَّى التقديم والتأخير عائدًا إليه، أو يقول: ادخلَا جميعًا، أو: ادخلوا جميعًا، إذا كان الباب واسعًا، وأما إنه يقول: تفضل يا فلان، ويُقَدِّمه على الآخر، فهذا لا يجوز.
كذلك أيضًا في المجلس، يجب يعدل بينهما في المجلس، ويكونان بين يديه لا على يمينه ولا على يساره؛ لأن جلوسهما عن يمينه إذا أجلس أحدهما على اليمين معناه أنه؟
طالب: قَدَّمَه عليه.
الشيخ: فضَّله على الآخر؛ إذ الأيمن أحقّ وأقدم، ثم إن القاضي إذا أجلسهما على يمينه ويساره ما يستطيع أن يعرف مِن تأثُّر وجوههما في الإدلاء بالحجة، ما يعرف مَن المحق؛ لأن الإنسان اللي بيُدْلِي بالحجة إذا كانت باطلة لا بد أن يتأثر؛ إما في نظره أو في ملامح وجهه، فإذا كانوا أمامه استطاع أن يعرف مَن هو له الحق إذا كان عنده فِرَاسة، لذلك لا يُجْلِسهما عن يمينه ولا عن يساره، بل بين يديه.
كذلك أيضًا ما يُقَدِّم واحدًا، واحد يحطه على كَنَب، وواحد يحطه على عتبة حجر حَرْشَة، ما يمكن هذا، ما يجوز، لماذا؟ لأنها خلاف العدل، إن جاؤوا إليك الآن كل واحد منهما في كفّة يجب أن تُسَوِّي بينهما، ما تحط واحدًا على مجلس جيد ومريح والآخر على خلافه.