الشيخ: على ما شهدت به ما لم تكن الشهادة متضمنة لتكذيبه، فإن كانت متضمنة لتكذيبه لم يُعتد بها مثل أن يدعي عليه ألف درهم ثمن المبيع، ثم تشهد بأن عليه ألف درهم أرش جناية، الآن البينة شهدت بما لم يدَّعِ، فطبعًا ما يحكم له بها حتى لو كان الآن المؤدى واحدًا في الحقيقة، دعواه وشهادة البينة ويش يتضمن؟ ثبوت ألف في ذمته، لكن اختلف السبب فلا يُحكم له بذلك.
لا بد أن تشهد البينة بمقتضى السبب الذي ادعى به، فإذا شهدت بالحق أو بما في ذمته، واختلف السبب فلا يُعتد به ( ... )، وإلا حلف الخصم على نفي ما ادُّعِي عليه وخُلِّي.
إذا قال المدعي: ما لي بينة، أو قال: ما عندي بينة، أو قال: لا أعلم بينة، في هذه المسائل كلها نقول: يتوجه الآن على الخصم اليمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«وَلَكِنِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»(١). فنوجِّه الآن اليمين على الخصم المدَّعَى عليه.
وهنا أظن سيُذكر أنه يفرق بين قول المدعي: ما لي بينة، وقوله: لا أعلم لي بينة؛ إذا قال: ما لي بينة، ثم أتى بها فيما بعد؟
طالب: لا تصح.
الشيخ: فإنها لا تصح، وإذا قال: لا أعلم لي بينة، ثم أتى بها فيما بعد.
طالب: قُبلت.
الشيخ: قُبلت؛ لأنه في الأثر الثاني نفى العلم، وقد يكون الإنسان جاهلًا ببينته أو ناسيًا، ثم يذكر أو يعلم فيأتي بها، أما إذا قال: ما لي بينة فقد نفاها، فإذا أتى بها بعدُ فإنه هو نفسه قد شهد بتكذيبها حيث قال بالأول: ما لي بينة.
ولاحظوا -في الحقيقة- أن هذا الأمر بالنسبة للعوام لا يفرقون، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: العامي اللي ما عنده بينة وما أعلم بينة.
طالب: كله سواء.
الشيخ: كلها سواء، ولذلك المذهب الأول؛ وهو أنه يفرق بين الكلمتين، والقول الثاني أنه إذا كان ذلك من عامي لا يتم التفريق بينهما؛ فإنه إذا أقام بينة بعد تُقبل سواء قال: لا أعلم أو قال: ما لي بينة.