للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والزور معناه الميل والانحراف؛ وكل شهادة لا تكون بها الحق فإنها جرم، ولهذا يجب علينا أن نتحرز غاية التحرز في الشهادة، وألا نبالي أو نحابي أحدًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥].

أما شروط الشاهد فهي أولًا: البلوغ، يشترط في الشهادة أن يكون بالغًا، والبلوغ معروف لديكم؛ فالصغير لا تُقبل شهادته؛ لأنه غير مؤتَمن لا من ناحية الحفظ ولا من ناحية التأثير؛ إذ إن الصبي قد يُؤثَّر عليه إما بالوعد وإما بالوعيد؛ فلهذا لا تُقبل شهادته.

وكلام الفقهاء رحمهم الله يقولون: لا تُقبل حتى فيما لا يطلع عليه إلا الصبيان؛ يعني ما يجري بين الصبيان فيما بينهم لا تُقبل شهادتهم فيه؛ لأن المحظور الذي ( ... ) به رد الشهادة موجود، قد يكون هذا الصبي الذي شُهد عليه يكون منازعة مثلًا منازعة مهاجرة يهجره حتى إنه ما يذكر ولا اسمه، فيشهد عليه ولَّا لا؟ وقد يكون صديقًا له جدًّا، فيشهد له؛ فهو غير مؤتَمن في الواقع.

وقال بعض العلماء: إن شهادة الصبيان مقبولة بعضهم ببعض أو على بعض فيما لا يطلع عليه إلا الصبيان؛ كالذي يكون بينهم في أسواقهم.

وقيل: إنه مقبول في الجراحات دون الأموال؛ لأن الجرح للصبي يؤثِّر عليه تأثيرًا بالغًا، ويهتم به اهتمامًا بالغًا بخلاف الأموال؛ يعني بمعنى أن الصبي يندهش إذا رأى الجرح، ولا يمكن أن يُخلف أو أن يقول ما لم يقع بخلاف المال، وهذا واضح في أن الصبيان يندهشون إذا رأوا الجراحات.

وقال بعض العلماء: إنه يُقبل ما لم يتفرقوا، إذا كان في وقت الحال قبلوا، وأما إذا تفرقوا فلا يقبلوا، لماذا؟ لأنه بعد التفرق يمكن أن يُلقَّن ويُؤثَّر عليه، لكن قبل التفرق هذا شيء بعيد.

إذن كل هذه الأقوال أو هذه الاختلافات كلها ترجع إلى أننا هل نثق بشهادتهم أو لا نثق؟

<<  <  ج: ص:  >  >>