للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إنما قد يكون أشد وأبلغ أن يرجع بصر الإنسان إلى عمى قبل أن يرتد إليه؛ ولهذا كان القول الراجح في رفع البصر إلى السماء في الصلاة أنه حرام، وليس بمكروه فقط.

ولكن إذا قلنا بأنه حرام ثم رفع بصره إلى السماء، فهل تبطل الصلاة؟

اختلف في ذلك أهل العلم؛ فقال بعضهم: إنها تبطل الصلاة، وعلَّلوا ذلك بتعليلين؛ التعليل الأول أنه فعل منهيٌّ عنه في العبادة، والإنسان إذا فعل فعلًا منهيًّا عنه في العبادة أبطلها؛ لأنه ينافيها.

والثاني أن فيه انحرافًا عن القبلة؛ لأنه إذا رفع رأسه هكذا صار مستقبلًا القبلة بحلقه لا بوجهه.

ولكن الذي يظهر لي أن المسألة لا تصل إلى حد البطلان؛ أن رفع البصر إلى السماء في الصلاة حرام، لكن الوصول إلى حد البطلان في النفس منه شيء؛ أما التعليل بأنه انحراف عن القبلة فإنه منقوض بالالتفات، فإن الملتفِتَ إلى اليمين أو اليسار قد انحرف عن القبلة، ومع ذلك لا تَبْطُل صلاته، وأما أنه فعلٌ محرَّم في العبادة فيقتضي أن يبطلها كما أبطل الكلامُ الصلاةَ، وأبطل الأكل والشرب الصوم، فهذا مثله، فهو -لا شك والله- تعليل قوي، لكن النفس لا تطمئن إلى أمر المصلي بالإعادة إذا رفع رأسه.

إنما نقول: إن صلاتك على خطر، وأما الإثم فإنك آثم؛ بناء على ذلك ينبغي لطالب العلم إذا رأى الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أن يُنْكِر عليهم، ويجب أن يعلِّمهم بأن هذا حرام، وأنا أرى كثيرًا من الناس إذا رفع رأسه من الركوع خاصَّة رفع وجهه إلى السماء حتى تكاد تقول: إنه ارتفع عن الأرض من شدة رفع وجهِه إلى السماء، فيُحذَّر من ذلك.

يقول -وعندي بالشرح-: (ويُكرَه أيضًا تغميضُ عينيه؛ لأنه فعلُ اليهود) تغميض العينين أيضًا مكروه ..

طالب: التعليل ( ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>