للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المؤلف رحمه الله: (يُكرَه رَفْعُ بصرِه إلى السماء)؛ يعني: يكره رفع بصره إلى السماء وهو يصلي، سواء في حال القراءة، أو في حال الدعاء أو في حال الرفع من الركوع، أو في أي حال من الأحوال، يُكْرَه أن يرفع بصره إلى السماء، بدليل وتعليل؛ يعني: له دليل وله تعليل؛ أما الدليل فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُم» (١٥) يعني: إما أن ينتهوا وإما أن يُعاقبوا بهذه العقوبة؛ أن تُخْطَف أبصارُهم فلا ترجع إليهم، واشتدَّ قوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، هذا الدليل، والحقيقة أن الدليل أقوى من المدلول؛ لأن الدليل يقتضي أن يكون رفعُ البصر إلى السماء محرَّمًا؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حذَّر منه واشتد قوله فيه، ثم ذكر عقوبة محتملة، وهي أن تُخْطَف أبصارُهم ولا ترجع إليهم.

ومن المعلوم أن التحذير عن الشيء بذكر العقوبة يدلُّ على أنه حرام، كما قلنا في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمارٍ» قلنا: إن هذا دليل على تحريم مسابقة الإمام.

وكذلك أيضًا قلنا في قوله عليه الصلاة والسلام: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفُنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» (١٦) قلنا: إن فيه دليلًا على القول الراجح على وجوب تسوية الصف، وهذا الحديث الذي معنا في رفع البصر إلى السماء لا يقصر دلالة عن دلالة قوله صلى الله عليه وسلم: «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>