للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهنا إذا قلنا: يجب منع المار إذا كان ممن يقطع الصلاة مروره، صار بعضَ قول من يوجبه مطلقًا.

فإن قال قائل: كيف نعتذر عن كلام المؤلف، حيث إن ظاهره الإباحة مع ورود السنة بالأمر به؟

فالجواب: أنه يمكن أن يحمل على أن الإباحة هنا في مقابلة المنع، أو في مقابلة الكراهة؛ لأن رد المار عمل وحركة من غير جنس الصلاة، والأصل فيها إما الكراهة وإما المنع، فتكون الإباحة هنا يراد بها نفي الكراهة، أو نفي المنع، فلا ينافي أن يكون الحكم مستحبًّا، يعني يمكن أن يقال هكذا، لكن يمنعه أن هذه المسألة فيها قول مستقل معروف بالإباحة.

قال: (وله رد المار بين يديه) بين اليدين بماذا يقدر؟ قيل: إنه بمقدار ثلاثة أذرع، وقيل: بمقدار رمية حجر، رمية حجر بعيدة أظن، ثم الرامي يختلف، لكن ممكن أن نقول: رمي حجر متوسط، لا هو بالقوي جدًّا، ولا هو بالضعيف، لكن مع ذلك أيضًا بعيدة هذه، وقيل: ما للمصلي أن يتقدم إليه بدون بطلان صلاته، وهذا يشبه القول الرابع، وهو أن مرجع ذلك إلى العرف، فما كان يعد بين يديك فهو بين يديك، وما كان لا يعد عرفًا فليس بين يديك، وقيل: ما بين يديه: ما بين رجليه وموضع سجوده، هذا الذي بين يديه، فالأقوال إذن أربعة، كم؟

أنا قلت لكم: الثالث والرابع الظاهر أنهما شيء واحد، ثلاث أذرع، رمية حجر، العرف ما بين رجليه وموضع سجوده، وهذا أقرب الأقوال؛ وذلك لأن المصلي لا يستحق أكثر مما يحتاج إليه في صلاته، فليس له الحق أن يمنع الناس مما لا يحتاجه، وهو لم يضع سترة، وهو لا يحتاج أكثر من موضع سجوده، أما إذا كان له سترة، فلا يجوز المرور بينه وبين سترته، لا يجوز، واضح؟ لأنه حماه، ولكن مع ذلك نقول: إذا وضعت سترة فلا تبعد عنها، كن قريبًا منها بحيث يكون سجودك إلى جنبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>