قالوا: وهناك شيء ثالث؛ أن فيه إحياء لقلوب الغافلين؛ لأن كثيرًا من الناس يمشي في المسجد وعينه في السماء، ليتها في الأرض! في السماء ولا يبالي بين يديه مصلون أو غير مصلين، فإذا رددته نبهته، فيكون في ذلك تنبيه للغافلين، وهذه الرواية عن أحمد كما ترى دليلها الأثري قوي، والنظري كذلك قوي، ويمكن أن يقال، يعني يحتمل أن يقال: يفرق بين المار الذي يقطع الصلاة مروره، والمار الذي لا يقطع الصلاة مروره، فالذي يقطع الصلاة مروره يجب رده، والذي لا يقطع الصلاة مروره لا يجب رده؛ لأن غاية ما يحصل منه أن تنقص الصلاة ولا تبطل، بخلاف الذي يقطع الصلاة مروره، فإنه سوف يبطل صلاتك ويفسدها عليك، ولا سيما إذا كانت فرضًا، فإن تمكينك من شخص يقطع صلاة الفرض عليك يعني أنك قطعت فرضك، والأصل في قطع الفرض أيش؟ التحريم.
وهذا قول يعني يكون وسطًا بين قول من يقول بالوجوب مطلقًا ومن يقول بالاستحباب مطلقًا، وله وجهة قوية، بأن نقول: إذا مرت امرأة يجب عليك أن تردها، كلب أسود يجب أن ترده، حمار يجب أن ترده، بخلاف ما إذا مر إنسان ذكر، أو بهيمة غير حمار، أو كلب غير أسود، فإنه لا يجب عليك ولكن سنة.
ففهمنا الآن أن المسألة فيها أربعة أقوال، لكن القول الرابع لا يخرج عن الثلاثة في الواقع؛ لأنه في الحال التي يكون فيها المنع سنة يوافق القول بالسنية، وبالحال التي يكون الرد فيها واجبًا يوافق القول بالوجوب. ولهذا كثيرًا ما يأتي في كلام شيخ الإسلام رحمه الله مثل هذا، ويقول: وهو بعض من يقول بالوجوب، أو ما أشبه ذلك، مثل قوله في الوتر: إن الوتر واجب على من كان له ورد من الليل. قال: وهو بعض قول من يوجبه مطلقًا؛ لأنكم تعرفون الوتر فيه ثلاثة أقوال للعلماء: سنة مطلقًا، وهو الصحيح، واجب مطلقًا، تفصيل، وهو اختيار شيخ الإسلام، لكن الشاهد أنه يقول: وهو أيش؟ بعض قول من يوجبه مطلقًا.