وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية ثالثة: أن رد المار واجب، يجب على الإنسان أن يرد المار بين يديه، فإن لم يفعل فهو آثم، ولا فرق بين ما يقطع الصلاة مروره أو لا يقطع، يجب وجوبًا، ودليل هذا الأمر «فَلْيَدْفَعْهُ». والأصل في الأمر الوجوب. ويرشح الوجوب -أي: يقويه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ»(٨) وأصل مقاتلة المسلم حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»(١٦). لكن من المعلوم أن المراد بالحديث المقاتلة الدفع بشدة، لا أن تقتله بسلاح معك، يعني ليس قتلًا، ولكن مقاتلة، ومقاتلة كل شيء بحسبه، وحتى المقاتلة التي لا تؤدي إلى القتل حرام بالنسبة للمسلم مع أخيه، إلا إذا وجد ما يسوغها. قالوا: ولا يؤمر بالحرام إلا في مقابلة حرام، فلا يؤمر بالقتال إلا إذا كان الدفع واجبًا؛ لأنه لا يبيح المحرم إلا الشيء؟
طالب: المحرم.
الشيخ: الواجب.
كيف لا يبيح المحرم إلا الشيء المحرم؟ ! لا، لا يبيح المحرم إلا الشيء الواجب.
قالوا أيضًا: في هذا فائدة، وهي تعزير المعتدي؛ لأن المار بين يديك معتد عليك، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام:«فَإِنَّ مَعَهُ شَيْطَانًا»(١٧). وفي لفظ:«فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ»(١٨). يعني الشيطان الذي يأمره، وردع المعتدين أمر واجب.