ثم قال المؤلف رحمه الله:(وله رد المار بين يديه). (له) الضمير يعود على المصلي، واللام هنا للإباحة كما هي القاعدة في أصول الفقه، أن العلماء إذا أتوا باللام، عبروا باللام؛ فهي للإباحة، كما أنهم إذا عبروا بـ (على) فهي للوجوب، إذا قالوا: عليه أن يفعل يعني: واجب. له أن يفعل يعني: جائز، فالمؤلف يقول:(له رد المار بين يديه) فظاهر كلام المؤلف الإباحة، أن هذا مباح.
وقوله:(رد المار) يشمل الآدمي وغير الآدمي، ومن تبطل الصلاة بمروره ومن لا تبطل الصلاة بمروره.
إذن كلامنا هنا فيه أمران: أولًا أن كلام المؤلف يدل على أن رد المار من الأمور المباحة، والثاني أنه يدل على أنه لا فرق في المار بين أن يكون آدميًّا أو غير آدمي، أو مما يبطل الصلاة مروره، أو لا يبطل الصلاة مروره، واضح؟ وهذا هو ظاهر كلام المؤلف.
وعلى هذا فإذا أراد أحد أن يمر بين يدي المصلي قلنا للمصلي: أنت بالخيار، إن شئت فرده وإن شئت فلا ترده، وإن رددته فليس لك أجر، وإن لم ترده فليس لك أجر؛ لأن هذا شأن مباح، حتى لو أرادت امرأة أن تمر بين يديك على كلام المؤلف فأنت بالخيار؛ إن شئت فاردد وإن شئت فلا تردد، ولكن ما يفيده ظاهر كلامه رحمه الله خلاف المذهب، المذهب أن الرد سنة، يعني يسن للمصلي ويطلب منه شرعًا أن يرد المار بين يديه، ودليل ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، فقال:«إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ»(١٥). فأمر بدفعه، وأقل أحوال الأمر الاستحباب.