الوجه الأول أنه يجب على الإنسان في هذه الأمور التسليم، وعدم الإتيان بـ (لم) أو (كيف)، لا تأتي بـ (لم)، أو (كيف) في باب صفات الله أبدًا، اجعلها في جيبك، قل: آمنت وصدقت، آمنت بأن الله على عرشه فوق سماواته، وبأنه قِبل وجه المصلي، وليس عندي سوى ذلك، هكذا جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه واحدة، وهذه الطريق تكف عنك إشكالات كثيرة، وتسلم من تقديرات يقدرها الشيطان في ذهنك، أو يُقدِّرها جنود الشيطان في ذهنك، تقول: الحمد الله، أنا أؤمن بهذا وهذا، ولا أقول: كيف ولا لِم، هذه واحدة.
ثانيًا: أن النصوص جمعت بينهما، وهذه ربما تتفرع عن التي قبلها، والنصوص لا تجمع بين متناقضين؛ لأن الجمع بين المتناقضين محال، ومدلول النصوص ليس بمحال، واضح؟
ثالثًا: أن الله عز وجل لا يُقاس بخلقه، فهب أن هذا الأمر ممتنع بالنسبة للمخلوق -أي: ممتنع أن يكون المخلوق على المنارة، وهو قِبل وجهك- قد يكون هذا ممتنعًا بالنسبة للمخلوق، لكن ليس ممتنعًا بالنسبة للخالق؛ لأن الله ليس كمثله شيء حتى يُقاس بخلقه، ويقال: ما امتنع في حق الخلق امتنع في حق الخالق.
الرابع .. أنا قلت ثلاثة أوجه وصارت أربعة، لكن الوجه الثاني قد يكون داخل في الوجه الأول.
الرابع: أنه لا منافاة بين العلوّ وقِبل الوجه، حتى في المخلوق، ألم تروا إلى الشمس عند غروبها أو شروقها تكون قِبل وَجْه مستقبلها وهي في السماء فوق وتشوفها بين يديك على الأرض عند الغروب أو عند الشروق، فإذا كان هذا ممكنًا في حق المخلوق، فما بالك في حق الخالق؟
هذا هو الجواب عن الإشكال الأول في الحديث، وأهم هذه الأجوبة عندي وأعظمها وأشدها قدرًا الجواب الأول؛ أن نقف في باب الصفات موقف الْمُسَلِّم لا المعترض، فنؤمن بأن الله فوق كل شيء، وبأنه قِبل وجه المصلي، ولا نقول: كيف؟ ولا لم؟