المذْهَب في اللغة: اسم لمكان الذهاب، أو زمانه، أو هو الذهاب نفسه؛ يعني: أنه يصلح أن يكون مصدرًا نونيًّا، أو اسم مكان، أو اسم زمان.
لكنه في الاصطلاح: مذهب الشخص؛ ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلًا به، هذا المذهب، فإذا قيل مذهب أحمد، مذهب الشافعي، مذهب مالك، فمعناه؟ ما قاله بدليل ومات عليه، فلو تغير رأيه، فأي القولين مذهبه؟ القول الأخير هو مذهبه.
وقوله:(ما قاله المجتهد) خرج به ما قاله المقلد؛ لأن المقلد لا مذهب له، وليس عنده علم، المقلد قال ابن عبد البر: إنه بإجماع العلماء ليس من العلماء؛ ولهذا قال ابن القيم في النونية:
الْعِلْمُ مَعْرِفَةُ الْهُدَى بِدَلِيلِهِ
مَا ذَاكَ وَالتَّقْلِيدُ يَسْتَوِيَانِ
صدق، هل يستوي من يعرف الهدى بدليله من شخص لا يعرفه؟ لا يستويان، بل قال بعض الشعراء:
لَا فَرْقَ بَيْنَ مُقَلِّدٍ وَبَهِيمَةٍ
تَنْقَادُ بَيْنَ دَعَاثِرٍ وَجَنَادِلِ
ولكن مع ذلك التقليدُ يجوز للضرورة بنص القرآن، من لا يستطع أن يصل إلى العلم بنفسه ففرضه التقليد، قال الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]، وأحيانًا تلمُّ بالإنسان مسألة ما يتمكن من مراجعة الأصول حتى يعرف الدليل فيها، فحينئذٍ ليس له إلا أن يقلد؛ للضرورة، أما إذا كان يستطيع بنفسه أن يعرف الحق بدليله فهذا هو الواجب عليه.
يقول:(مذهب الإمام أحمد) أحمد بن حنبل الشيباني، إمام أهل السنة، إمام أهل الحديث، إمام أهل الفقه رحمه الله؛ فهو إمام أهل السنة في العقائد والتوحيد، وقد جرى عليه من المحن في ذات الله عز وجل ما نرجو له به رفعة الدرجات وتكفير السيئات.