وقوله:(والسؤال عند آية رحمة) ويش يسأل؟ يسأل الرحمة التي مرت، مثلًا: مر ذكر الجنة يقول: اللهم إني أسألك الجنة، فيسأل الله، وله أن يسأل من فضله، مثل لو مر ثناء على الأنبياء أو الأولياء، أو ما أشبه ذلك فله أن يقول: أسأل الله من فضله، أو أسأل الله أن يجعلنا منهم، أو ما أشبه ذلك.
وقول المؤلف:(ولو في فرض) هذا إشارة خلاف، هل له ذلك في الفرض، أو ليس له ذلك؟
والصحيح: ما قاله المؤلف أن له ذلك؛ لأن هذا لا يعدو أن يكون دعاءً، والصلاة دعاء، فله أن يقول ذلك؛ يعني يتعوذ عند آية الوعيد، ويسأل عند آية الرحمة، ولو كان في الفرض، إذا قيل: ما الدليل؟
الدليل حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه صَلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلّم ذات ليلة، فقرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالبقرة، والنساء، وآل عمران، لا يمرُّ بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية وعيد إلا تعوَّذ (١٠) عليه الصلاة والسلام، وهذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، والأصل أنه أسوة لنا، وأن ما فعله فنحن مأمورون باتباعه والاقتداء به، إلا ما دل عليه الدليل.
فإذا قال قائل: هذا في النفل، فما دليلكم على جوازه في الفرض؟
فالجواب على هذا أن نقول: دليلنا عليه أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، وهنا لا دليل على الفرق بين الفرض وبين النفل، ولكن الراجح في الحكم في هذه المسألة أن نقول:
أما في النفل -ولا سيما صلاة الليل- فإنه يُسنّ أن يتعوذ عند آية الوعيد، ويسأل عند آية الرحمة؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأن ذلك أحضر للقلب وأبلغ في التدبر، إذا انتبه الإنسان لآيات الوعيد وتعوذ عندها، وآيات الرحمة وسأل عندها صار هذا أحضر إلى قلبه، وأقرب إلى التدبر، وصلاة الليل -كما تعلمون- يُسنُّ فيها التطويل، كثرة القراءة والركوع والسجود، وما أشبه ذلك.
أما في صلاة الفرض فإننا نقول: إن الراجح أنه ليس بسنة وإن كان جائزًا، لكن ليس بسنة.