للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: إنه يسجد بعد السلام، يُكمل التشهُّد ويُسَلِّم ويسجد سجدتينِ ويُسلِّم، ودليل ذلك أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لَمَّا صلَّى خمسًا وأخبروه بعد السلام ثَنَى رِجْليه وسَجَدَ وسَلَّم وقال: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ ثُمَّ لْيَبْنِ عَلَيْهِ» (٦)، ولم يقلْ: ومتى عَلِم قبل السلام فلْيسجُدْ قبل السلام، فلمَّا سَجَدَ بعد السلام ولم ينبِّه أنَّ محلَّ السجود لهذه الزيادة قبل السلام عُلِمَ أن السجود للزيادة يكون بعد السلام.

ويشهد لذلك حديث ذي اليدين؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَ من ركعتينِ ثم ذكَّروه، وأتمَّ الصلاةَ وسَلَّمَ، ثم سَجَدَ سجدتينِ وسلَّمَ (٧)، وهذا زيادة.

ويؤيِّده أيضًا المعنى؛ وهو أن الزيادةَ زيادةٌ في الصلاة، وسجود السهو زيادةٌ أيضًا، فكان من الحكمة أن يؤخَّر سجودُ السهو إلى ما بعد السلام مخافةَ أن يجتمع في الصلاة زيادتانِ، إذَن دلَّ على أنَّ السجودَ للزيادة بعد السلام دلَّ على ذلك النصُّ مِن السُّنَّة، والمعنى من الحكمة.

***

يقول: (وَإِنْ عَلِمَ فِيهَا جَلَسَ في الحالِ فتشهَّدَ).

(إنْ عَلِم فيها) الضمير يعود على الركعة التي زاد.

(جَلَسَ في الحال) أي: في حال ذِكْره أو في حال عِلْمه، ولا يتأخَّر، يجلس في الحال، حتى لو ذَكَر في أثناء الركوع أنَّ هذه الركعةَ خامسةٌ يرجع يجلس.

وقد يتوهَّمُ كثيرٌ من طَلَبة العلم في هذه المسألة حُكْمَ مَن قام عن التشهُّد الأول فيظنُّ أنه إذا قام إلى الزائدة وشَرَعَ في القراءة حَرُمَ عليه الرجوع، وهذا وهمٌ وخطأٌ؛ الزائد لا يُمْكن الاستمرار فيه أبدًا، متى ذكرْتَ وَجَبَ عليك أن ترجع لتمنع هذه الزيادة؛ لأنك لو استمرَرْتَ في الزيادة مع عِلْمِك بها لزِدْتَ في الصلاة شيئًا عمدًا، وهذا لا يجوز.

إذَن نقول: (إنْ عَلِم فيها) يقول المؤلف: (جَلَسَ في الحال فتشهَّدَ إنْ لم يكُنْ تشهَّدَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>