للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المؤلف: (في غير بنيان) استثنى، أما إذا كان في بنيان فإنه يجوز استقبالها واستدبارها، ما هو الدليل؟ الدليل: حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: رَقِيتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ (٢٤). ولكننا ننظر هل هذا الحديث يوافق كلام المؤلف أو لا؟ قال: (في غير بنيان) يعني في البنيان يجوز استقبالها ويجوز استدبارها.

وهذا هو المشهور من المذهب، بل قالوا رحمهم الله: يكفي الحائل، وإن لم يكن بنيانًا، كما لو اتجه إلى السيارة أو إلى كومة من رمل أقامها ثم كان وراءها أو إلى شجرة أو إلى أكمة أو إلى حجر كبير أو ما أشبه ذلك. قالوا: يكفي ما كان حائلًا، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يستثنى شيء أبدًا، وأنه لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها؛ لا في الفضاء ولا في البنيان، وهذا أحد الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله، الإمام أحمد عنه في هذا روايات متعددة؛ منها المذهب اللي سمعتم.

والقول الثاني، الرواية الثانية: أنه يحرم استقبالها واستدبارها مطلقًا في الفضاء والبنيان. قالوا: وهذا الذي قلناه هو مقتضى حديث أبي أيوب استدلالًا وعملًا، أما الاستدلال فبقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما العمل فبفعل أبي أيوب حين قال: قدمنا الشَّام فوجدنا مراحيض قد بُنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله.

فقوله: نستغفر الله يدل أنه ما رأى أن هذا كاف، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بأنه لا يجوز استقبال القبلة واستدبارها لا في البنيان ولا في غير البنيان؛ لعموم الحديث.

ولكن بماذا نجيب عن فعل الرسول عليه الصلاة والسلام؟

شوف بعض العلماء أخذ من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام أن النهي للكراهة، وقال: إن فعل الرسول عليه الصلاة والسلام لأجل أن يبين الجواز، وأنه ليس حرامًا، ولكن هذا فيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>