بقي أن نقول: ما الجواب عن فعل الرسول عليه الصلاة والسلام الذي ذكره ابن عمر رضي الله عنه؟
بعضهم قال: إنه يحمل على ما قبل النهي، يرجح عليه النهي؛ لأن النهي ناقل عن الأصل، كيف ناقل عن الأصل؟ ويش الأصل؟
طلبة: الجواز.
الشيخ: الأصل الجواز أنك تستقبل ما شئت، هذا الأصل، إلا إذا جاء منع، فيقولون: إن حديث أبي أيوب ناقل عن الأصل، والناقل عن الأصل مقدم عليه، هذا وجه.
الجواب الثاني: أن حديث أبي أيوب قول، وحديث ابن عمر فعل، والفعل لا يمكن أن يعارض القول؛ لأن فعل الرسول عليه الصلاة والسلام يحتمل الخصوصية، يحتمل هذا خاص به، ويحتمل النسيان أنه نسي عليه الصلاة والسلام، هذا وارد ولّا غير وارد؟
طلبة: وارد.
الشيخ: نعم وارد، ولكنه الحقيقة، أما احتمال الخصوصية فمردود؛ لأن الأصل الاقتداء والتأسي به، وليس هناك معارضة تامة، نعم لو كان معارضة تامة بين القول والفعل لكان القول بأن الفعل خاص به متجهًا، لكن ليس هناك معارضة تامة، لماذا؟ لإمكان أن يحمل حديث أبي أيوب على ما إذا لم يكن في البنيان، وحديث ابن عمر على ما إذا كان في البنيان، وكلما أمكن الجمع بين قول الرسول عليه الصلاة والسلام وفعله فإنه هو الواجب.
وعلى كل حال وكونه في البنيان خاص، ولهذا نقول: القول الراجح في هذه المسألة أنه يجوز في البنيان استدبار القبلة دون استقبالها.؛ لأن النهي عن الاستقبال محفوظ، ليس فيه تخصيص، والنهي عن الاستدبار مخصوص بالفعل، هذه من جهة، ومن جهة أخرى الاستدبار أهون من الاستقبال، استدبار الإنسان للقبلة أهون من استقبالها، ولهذا جاء -والله أعلم- التخفيف فيه فيما إذا كان الإنسان في البنيان.