للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأثر فقالوا: إن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه كان يطيل النفل وربما عطش فشرب يسيرًا (٣)، قالوا: وهذا فعل صحابي، وفعل الصحابي إذا لم يعارضه نص أو صحابي آخر فهو حجة.

واستدلوا أيضا بنظر؛ بأن النفل أخف من الفرض، بدليل أن هناك واجبات تسقط في النفل، ولا تسقط في الفرض، كاستقبال القبلة في السفر، تسقط في النافلة ولا تسقط في الفريضة، بشروطها المعروفة، قالوا: فإذا كانت النفل أخف وكان الإنسان ربما يطيلها كثيرًا سومح في الشرب اليسير.

فإذا قال قائل: إذن فسامحوا في الأكل اليسير؟

قلنا: لا، هناك فرق بين الشرب والأكل؛ الأكل يحتاج إلى مضغ وحركات أكثر، وأما الماء فإنه لا يحتاج.

وظاهر كلام المؤلف: (يسير شرب) أنه لا فرق بين أن يكون الشرب ماءً أو لبنًا أو عصيرًا، أو نحو ذلك، إلا أنهم قالوا: إن بلع الذوب -ذوب السكر- في الفم كالأكل. وبعضهم قال: كالشرب.

فعلى قول من يقول: إن بلع الذوب؛ ذوب السكر إذا كان في الفم كالأكل، نقول: لا يعفى عنه؛ عن العصير وأشباهه؛ لأنه يشبه ذوب السكر، وعلى القول الثاني يعفى عنه في النفل.

القول الثاني في أصل المسألة: أنه لا يعفى عن يسير الشرب في النفل كما لا يعفى عنه في الفرض، وعللوا ذلك بأن الأصل تساوي الفرض والنفل، وهذا قول أكثر أهل العلم على أنه لا يعفى عن يسير الشرب والأكل عمدًا، لا في الفرض ولا في النفل، لا الأكل ولا الشرب، هذا الأقرب؛ الأقرب أنه لا يعفى على القول بأنه يعفى عن اليسير، المرجع في اليسير والكثير إلى العرف.

يقول: (وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه كقراءة في سجود وقعود وتشهد في قيام وقراءة سورة في الأخيرتين لم تبطل، ولم يجب له سجود، بل يشرع).

قوله: (إن أتى) أي: المصلي، (بقول مشروع) أي: قد شرعه الشارع، سواء كان مشروعًا على سبيل الوجوب كالتسبيح وقراءة الفاتحة، أو على سبيل الاستحباب كقراءة السورة.

وقوله: (في غير موضعه) متعلق بأيش؟

طلبة: بـ (أتى).

<<  <  ج: ص:  >  >>