والتطوع يطلق على فعل الطاعة مطلقًا، فيشمل حتى الواجب، قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ١٥٨] مع أن الطواف بهما ركن من أركان الحج والعمرة، ولكن المراد بالتطوع في اصطلاح الفقهاء: كل طاعة ليست بواجبة.
ومن حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده أن شرع لكل فرض تطوعًا من جنسه؛ ليزداد المؤمن إيمانًا بفعل هذا التطوع، ولتكمل به الفرائض يوم القيامة، فإن الفرائض يعتريها النقص، فتكمل بهذه التطوعات التي من جنسها، وإذا نظرنا إلى العبادات وجدنا أن كل عبادة مفروضة لها تطوع من جنسها؛ فالوضوء واجب وتطوع، والصلاة واجب وتطوع، والصدقة واجب وتطوع، والصيام واجب وتطوع، والحج واجب وتطوع، والجهاد واجب وتطوع، والعلم واجب وتطوع، كل العبادات، صلاة التطوع هي الصلاة التي ليست بواجبة.
وهي أنواع في الحقيقة:
منها ما يُشرَع له الجماعة، ومنها ما لا يُشرَع.
ومنها ما هو تابع للفرائض، ومنها ما ليس بتابع.
ومنها ما هو موقت، ومنها ما هو غير موقت.
ومنها ما هو مقيد بسبب، ومنها ما ليس مقيدًا بسبب.
المهم أنها أنواع، وكلها يطلق عليها صلاة تطوع.
قال المؤلف رحمه الله:(آكدها كسوف، ثم استسقاء، ثم تراويح، ثم وتر) قال المؤلف: إن (آكدها الكسوف)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، وخرج إليه فزعًا، وصلى صلاة غريبة، وعرضت عليه في صلاته هذه الجنة والنار، وخطب بعدها خطبة بليغة عظيمة، وشرع لها الجماعة، فنادى؛ يعني: أمر مناديًا أن ينادي: الصلاة جامعة (٣)، فهي آكد صلاة التطوع.